عبدالكريم
المدي
المدي
لعل ما يثير المخاوف من تداعي
الأحداث والأوضاع في بلادنا وانزلاقها في هاوية سحيقة من الصراعات والتصدعات
المتلاحقة في الجدار الوطني المائل أصلاً..
هو يأس أبناء الكثير من المناطق
المحرومة من التنمية ومما يشبه المواطنة المتساوية أو العدالة الاجتماعية والقليل
من الاحترام لأبنائها الذين تعاظم شعورهم كل يوم بأنهم يعاملون في بلدهم بدونية
وانتقاص ومهانة في الشارع وفي نظرة الدولة لهم وتعامل مؤسساتها الرسمية الحكومية معهم
أيضاً.
وحتى في مديرياتهم ومحافظاتهم..
يضاف إلى هذا الغياب التام
للخدمات ومشاريع التنمية في مناطقهم بصورة عجيبة ومريبة ومعيبة واستثنائية..! وبحسب
معطيات الواقع تأتي مديريات وصابين الأعلى والأسفل وعتمة في محافظة ذمار و"سامع"
و"شمير" في محافظة تعز وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها في مقدمة تلك المناطق التي
تتصاعد فيها ومنها مشاعر السخط وألسنة الحرمان ورفض الواقع بأشكال
مختلفة..
ويقابل هذه المشاعر بالطبع سلوك حكومي يسمي لسان حاله يقول " كل يعمل
خراجه" أو " الذي ما يعجبه هذا الوضع والواقع المفروض عليه فرضاً يشرب من ماء
البحر" وبدلاً من أن يتم التعامل مع أولئك المواطنين بقدر من المسؤولية والحرص، يتم
العكس تماماً، حتى على مستوى تعيين الموظفين والمسؤولين فيها ابتداءً بمدراء الأمن
في المديريات ومدراء العموم في المديريات ، وصولاً إلى المكاتب التنفيذية وقيادات
المحافظات، فبدلاً من اختيار وتعيين مسؤولين يمتكلون قدراً من الوعي والمنطق
والمعرفة والشعور بالمسؤولية والغيرة الوطنية يعملون على تهدئة مشاعر وغليان
المواطنين والتعامل معهم بحس وحرص وطنيين وتقدير لكرامتهم ومواطنتهم وحقوقهم
وأشعارهم بأنهم مواطنون من أبناء البلد، يتم تعيين واستبدال السيئين بالأسوأ منهم
وهكذا...! وإذا سمح لي قارئي الكريم والمساحة المتاحة لي هنا أيضاً أذكر مثالاً على
ذلك وأنموذجاً يمكن إسقاطه على كثير من المناطق والمديريات الأخرى..
سأذكر هذا
الموقف الذي حدث معي أثناء حديثي مع أحد الأصدقاء من مديرية وصاب العالي، حيث سرد
لي ذلك الصديق الكثير من معاناة أبناء هذه المديرية النائية والكبيرة والمحرومة،
إلى أن وصل إلى صندوق التكافل الاجتماعي الخاص بموظفي التربية، وخضوع هذا الصندوق
لمدير عام المديرية الذي يسيره هو ويتدخل فيه بكل صغيرة وكبيرة، في مخالفة صريحة
للائحة وللقانون اللذان يعطيان صلاحيات الصرف وتسيير شؤون الصندوق للتربية والتعليم
بالمديرية والنقابة التربوية، هذا أولاً وثانياً هناك حالات اجتماعية ومرضية مستحقة
للمساعدة من مال هذا الصندوق الذي يستقطع أصلاً من رواتب موظفي التربية ويجب أن
يصرف أيضاً لمستحقيه من منتسبيها، فهناك حالات مستحقة لها سنوات تتابع هذا الصندوق
في المديرية والمحافظة حتى أنها حصلت على توجيهات المحافظ ومع هذا لم يتم الصرف لها
ولم يتم تجاوب مدير عام المديرية مع تلك التوجيهات والحالات المستحقة على
الإطلاق.
وبفضول الصحفي، حاولت الوقوف على الحقيقة بنفسي وطلبت رقم مدير عام
مديرية وصاب العالي ومن ثم اتصلت به على الفور وتكلمت معه بكل لطف وسألته عن حقيقة
ما يجري حول هذا الصندوق والحالات التي لم يتم التجاوب معها منذ أكثر من عام ونصف،
فكان رد الأخ المدير العام بسخط شديد واستعلاء أشد، مغلقاً هاتفه في وجهي وهو يتمتم
بكلام جارح لا يتناسب مع شخص في مكانه أبداً..! على أية حال وبعيداً عن أي حسابات
أو اتهامات وبعيداً عن المزايدات والنعرات والأيديولوجيات والمشارب الفكرية أو
الثقافية أو السياسية نقول: الوطن اليمني الكبير والجميل يمر بتحديات ومنغصات وثقوب
سوداء لا حصر لها والوطن اليمني يعيش نزيفاً حاداً في المعنى والمبنى والشكل
والجوهر والقيم والثوابت والأخلاقيات والروح الجماعية والفردية والوعي، والمعرفة
والثقافية النهوضية والقوانين المستباحة.
نعم ما زال في بلادنا جهل مركب وفساد
متعملق وأصنام متكاثرة وفراعنة جدد ومازال هنا إقطاعيون كثر على طريقة العصور
الوسطى، وما زال هناك في هذا البلد ماضيون فكراً وثقافة وشكلاً وأسلوباً وفساداً في
أكثر من مكان..
وما زال هناك في بلد الحكمة الكثير ممن لم يسمعوا بعد بالثورتين
اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر وبالديمقراطية وقيم العصر وهدى الحداثة والحرية..!
باختصار ما زلنا نعاني وسنظل نعاني وسيظل أمل النهوض واستثمار الإنسان واحترام
آدميته غائماً، غائباً خلف قطع وأكوام من السحب الكثيفة والطقس السيئ، طالما ولم
يكن هناك إرادة للتغيير وتوجه حقيقي لإنقاذ البلد من شبح السقوط وعبث الجهل
والفساد..! Almedi2009@hotmail.com
الأحداث والأوضاع في بلادنا وانزلاقها في هاوية سحيقة من الصراعات والتصدعات
المتلاحقة في الجدار الوطني المائل أصلاً..
هو يأس أبناء الكثير من المناطق
المحرومة من التنمية ومما يشبه المواطنة المتساوية أو العدالة الاجتماعية والقليل
من الاحترام لأبنائها الذين تعاظم شعورهم كل يوم بأنهم يعاملون في بلدهم بدونية
وانتقاص ومهانة في الشارع وفي نظرة الدولة لهم وتعامل مؤسساتها الرسمية الحكومية معهم
أيضاً.
وحتى في مديرياتهم ومحافظاتهم..
يضاف إلى هذا الغياب التام
للخدمات ومشاريع التنمية في مناطقهم بصورة عجيبة ومريبة ومعيبة واستثنائية..! وبحسب
معطيات الواقع تأتي مديريات وصابين الأعلى والأسفل وعتمة في محافظة ذمار و"سامع"
و"شمير" في محافظة تعز وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها في مقدمة تلك المناطق التي
تتصاعد فيها ومنها مشاعر السخط وألسنة الحرمان ورفض الواقع بأشكال
مختلفة..
ويقابل هذه المشاعر بالطبع سلوك حكومي يسمي لسان حاله يقول " كل يعمل
خراجه" أو " الذي ما يعجبه هذا الوضع والواقع المفروض عليه فرضاً يشرب من ماء
البحر" وبدلاً من أن يتم التعامل مع أولئك المواطنين بقدر من المسؤولية والحرص، يتم
العكس تماماً، حتى على مستوى تعيين الموظفين والمسؤولين فيها ابتداءً بمدراء الأمن
في المديريات ومدراء العموم في المديريات ، وصولاً إلى المكاتب التنفيذية وقيادات
المحافظات، فبدلاً من اختيار وتعيين مسؤولين يمتكلون قدراً من الوعي والمنطق
والمعرفة والشعور بالمسؤولية والغيرة الوطنية يعملون على تهدئة مشاعر وغليان
المواطنين والتعامل معهم بحس وحرص وطنيين وتقدير لكرامتهم ومواطنتهم وحقوقهم
وأشعارهم بأنهم مواطنون من أبناء البلد، يتم تعيين واستبدال السيئين بالأسوأ منهم
وهكذا...! وإذا سمح لي قارئي الكريم والمساحة المتاحة لي هنا أيضاً أذكر مثالاً على
ذلك وأنموذجاً يمكن إسقاطه على كثير من المناطق والمديريات الأخرى..
سأذكر هذا
الموقف الذي حدث معي أثناء حديثي مع أحد الأصدقاء من مديرية وصاب العالي، حيث سرد
لي ذلك الصديق الكثير من معاناة أبناء هذه المديرية النائية والكبيرة والمحرومة،
إلى أن وصل إلى صندوق التكافل الاجتماعي الخاص بموظفي التربية، وخضوع هذا الصندوق
لمدير عام المديرية الذي يسيره هو ويتدخل فيه بكل صغيرة وكبيرة، في مخالفة صريحة
للائحة وللقانون اللذان يعطيان صلاحيات الصرف وتسيير شؤون الصندوق للتربية والتعليم
بالمديرية والنقابة التربوية، هذا أولاً وثانياً هناك حالات اجتماعية ومرضية مستحقة
للمساعدة من مال هذا الصندوق الذي يستقطع أصلاً من رواتب موظفي التربية ويجب أن
يصرف أيضاً لمستحقيه من منتسبيها، فهناك حالات مستحقة لها سنوات تتابع هذا الصندوق
في المديرية والمحافظة حتى أنها حصلت على توجيهات المحافظ ومع هذا لم يتم الصرف لها
ولم يتم تجاوب مدير عام المديرية مع تلك التوجيهات والحالات المستحقة على
الإطلاق.
وبفضول الصحفي، حاولت الوقوف على الحقيقة بنفسي وطلبت رقم مدير عام
مديرية وصاب العالي ومن ثم اتصلت به على الفور وتكلمت معه بكل لطف وسألته عن حقيقة
ما يجري حول هذا الصندوق والحالات التي لم يتم التجاوب معها منذ أكثر من عام ونصف،
فكان رد الأخ المدير العام بسخط شديد واستعلاء أشد، مغلقاً هاتفه في وجهي وهو يتمتم
بكلام جارح لا يتناسب مع شخص في مكانه أبداً..! على أية حال وبعيداً عن أي حسابات
أو اتهامات وبعيداً عن المزايدات والنعرات والأيديولوجيات والمشارب الفكرية أو
الثقافية أو السياسية نقول: الوطن اليمني الكبير والجميل يمر بتحديات ومنغصات وثقوب
سوداء لا حصر لها والوطن اليمني يعيش نزيفاً حاداً في المعنى والمبنى والشكل
والجوهر والقيم والثوابت والأخلاقيات والروح الجماعية والفردية والوعي، والمعرفة
والثقافية النهوضية والقوانين المستباحة.
نعم ما زال في بلادنا جهل مركب وفساد
متعملق وأصنام متكاثرة وفراعنة جدد ومازال هنا إقطاعيون كثر على طريقة العصور
الوسطى، وما زال هناك في هذا البلد ماضيون فكراً وثقافة وشكلاً وأسلوباً وفساداً في
أكثر من مكان..
وما زال هناك في بلد الحكمة الكثير ممن لم يسمعوا بعد بالثورتين
اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر وبالديمقراطية وقيم العصر وهدى الحداثة والحرية..!
باختصار ما زلنا نعاني وسنظل نعاني وسيظل أمل النهوض واستثمار الإنسان واحترام
آدميته غائماً، غائباً خلف قطع وأكوام من السحب الكثيفة والطقس السيئ، طالما ولم
يكن هناك إرادة للتغيير وتوجه حقيقي لإنقاذ البلد من شبح السقوط وعبث الجهل
والفساد..! Almedi2009@hotmail.com