الجفري
بديلاً فكرياً ومادياً عن الإنسان وتحرم الذي أخترعها لذة العمل إن غزو الآلة ميادين العلم
تتحول بديلاً فكرياً ومادياً عن الإنسان وتحرم الذي أخترعها لذة العمل وضرورته وأما
أن تصل هذه الآلة إلى ميادين الفن والإبداع وتحرم الفنان من روحه محولة إياه إلى
مجرد مراقب خارجي لها فأمر يستدعي الكثير من التأمل لا لطرافته فحسب بل أيضاً
لخطورته على مستقبل الفنان وقدراته، ومناسبة هذا الحديث توصل فنان فرنسي
يدعى "فرنسوا ديجور" إلى اكتشاف آلة يمكنها وبكل بساطة أن تنجز تمثالاً نصفياً
لإنسان بأقل من عشرة ساعات وبكلام أوضح يمكن لأي شخص أن يقف أمام آلة، هذا الفنان
بكامل ملابسة وبأقل من دقيقة وبينما "فرنسوا ديجور" يحتسي قهوته بهدوء يدور شعاع
ليزري على وجه الشخص دارساً تفاصيله وأصغر تجاعيده ناقلاً إياه كما هو بلا زيادة أو
نقصان إلى شاشة جهاز الكمبيوتر.
هنا ينتهي دور الشخص فيستريح ويتوجه "فرنسوا
ديجور" إلى صورة وجه الشخص ويسلمها إلى آلته بعد أن يختار من الشخص المادة التي يجب
أن يصب تمثال وجه فيها فأمامه الخشب أو الجص "الجبس" أو البرونز، وتدور الآلة على
الوجه فتقله إلى المادة المراد صبها فيه وبدقة متناهية يروح أزميل كهربائي ينقل
ملامح وجه الشخص على المادة مكرراً عمله أكثر من خمس مرات توخياً للدقة والأمانة
وقمة الواقعية في الفن، وعندما ينتهي التذويب والتقطيع والحفر وتتخذ المادة شكل
الوجه وملامحه هنا وبعد انتهاء كل ذلك يقوم الفنان "فرنسوا ديجور" اخذاً كل وقته
بمهمة صقل التمثال ووضع اللمسات الأخيرة عليه،ولكن قبل أن يستلم الشخص تمثاله عليه
أن يدفع أجرة الفنان، ترى لو علم عظماء الفن في العالم من الذين كان عملهم على
المادة يستغرق سنوات أن المستقبل سيحمل إليهم فنانين من نوع "فرنسوا ديجور" وآلته
أما كانوا ماتوا انتحاراً؟.