الجفري
الصورة الشخصية بمفهومه الحالي لم يأخذ مكانه في تاريخ الفن فن (البورتوية) أو بمعنى آخر
فنّ الصورة الشخصية بمفهومه الحالي لم يأخذ مكانه في تاريخ الفن التشكيلي إلا مع
منافسة الأسر الإقطاعية العريقة في ايطاليا مع الكنيسة لاحتضان الفنانين وتعيينهم
في قصورهم الفخمة لتجميلها وتخليد أصحابها مما سمح للفنان أيضاً بالاحتفاظ لنفسه
بقدرٍ من الذاتية في التعبير عن أسلوبه الخاص المتميز في رسم وجوهه بل سمح
له برسم مشاعره الخاصة مثلما نرى في بعض أعمال الفنان الإيطالي (روفائيل) ومنذ ذلك
الوقت استقل فن الرسم الأوروبي عن سيطرة الكنيسة وسيطرة الأسلوب في الوقت
نفسه.
وبالرغم من تنافس الأسر الإقطاعية وبلاط الحكام في إيطاليا على احتكار
انتاج الفنانين فإنها لم تستطع أن تفرض عليهم بشكل مطلق أسلوباً فنياً أو موضوعاً
اجتماعياً بل لم ينجح الفنان ولو جزئياً في تحديد مساره الإبداعي بنفسه وفي أن يوسع
أمامه هامش الاختيار الموضوعي أو الأسلوبي شيئاً فشيئاً حتى لو اضطر إلى إعلان
تمرده ولنا في الفنان (جويا) مثال شهير على ذلك.
وهذه الحرية التي انتزعها
الفنان لنفسه ووسع حدودها إلى أقصى درجة على مر العصور وصلت به في العصر الحديث إلى
الابتعاد بشكل مطلق عن فن (البورترية) حتى اختفى نهائياً ذلك أنه لا يريد ان يذكره
شيء بعصور المحاكاة (التقليد) والتبعية سواء كانت لكنيسة أو لحاكم أو لرجل غني ولم
يصل الفنان إلى هذه القطعية مع فن (البورترية) في شكل طفرة مفاجئة بل سبق هذه
المرحلة تفضيله لاختيار وجوهه التي يرسمها من طبقة الكادحين والجياع متسعاً في ذلك
مع التطورات الاجتماعية في أوروبا منذ الثورة الفرنسية في تاريخ فرنسا القديم وتطور
الأمر مع بدايات حركة الفن الحديث إلى اتخاذ الفنان وجه الإنسان العادي الذي ينتمي
إلى الطبقات الفقيرة كشكل فني.