عياش- عدن
تسهنه من قلب عذبته )، بهذا الجزء من أغنية الراحل الفنان محمد سعد عبداللة نبدأ
الحديث عن علاقة عدن بالوفاء لكل شيء يستحق الوفاء.
: عندما سافرت برفقة فرقة خليج عدن المسرحية
إلى ألمانيا في شهر يونيو 2،1،م المنصرم قابلت كثيراً من اليمنيين والأشقاء
العرب الذين كانوا هنا في اليمن وبالذات في مدينة عدن ، والتقطت عدد من الصور لهم
ومررت أمامهم مرور الكرام ، والمفاجأة هي حين وصلت مدينتي الوفية " عدن" فإذا
بجمهرة من اللذين يعرفون إسماعيل خليل من تلاميذه ومريديه يتناسون خبر وجوده في
برلين والبعض يدرك وجوده هناك فبادر بالسؤال والآخر كان يعتقد أنه قد توفي لطول مدة
الفراق، كانت ملامح الفرح وهم يتحدثون عن الرجل لافتة للنظر وكلهم يحبونه ، يتذكرون
أياما أمضوها مع الرجل العراقي الذي زار عدن مبدعاً ومخرجاً مسرحياً فعندما، وجدوا
المناخ ملائماً للإبحار في مدينتي المحبة للمسرح اتخذوه رباناً ولكن عواصف الأيام
لم ترد إلا أن يتفرق الجمع..وعندما وضعت صورته أمامهم كان البعض لم يتعرف عليه منذُ
الوهلة الأولى وعندما قلت: هذا المخرج العراقي إسماعيل خليل ، انتزعوا الصورة من
بين أصابعي وانتحوا زاوية بعيدة عني يتأملوه ويحدثوه ويتفرسون في ملامحه البريئة ،
لهذا حين اكتب عن رجل لم أكن اعرفه، بهذا الوفاء إنما انقل تلك الصدمة العاطفية
التي دهمتني به عدن وناسها الاوفياء لهذا المخرج المخضرم الذي خبر ثقافة اليمن
إسماعيل خليل في سطور:- قدم من جمهورية العراق في بداية الثمانينات وتم ترتيب وضعه
الفني كمخرج من قبل وزارة الثقافة والسياحة وقتذاك لدى فرقة أكتوبر للمسرح.
وفي
عام 1981م اشرف على أطروحة الماجستير للمخرج اليمني محمد عبد الرحمن في مسرحية
(الدراويش يبحتون عن الحقيقة) وفي العام نفسه أخرج أول مسرحية له لفرقة أكتوبر
للمسرح مسرحية (عبيدو والصراط) بطولة المبدع عقلان مرشد وعمر مكرم وإيمان أمين
وتأليف الأستاذ القدير عبد المجيد القاضي وفي عام 1982م اخرج مسرحية ( الشهداء
السبعة) من تأليف الأستاذ عبد الرحمن الملاحي بطولة عمر مكرم ،عقلان مرشد، جمال
كرمدي،ياسر سلام، ضياء الدين هائل، وعبدالله شرف مهيوب، وآخرين علمآ بأن الفرقة
لأول مرة تقدم عروضها في محافظة حضرموت ومدينة الشحر حيث وقعت الأحداث الحقيقة
للشهداء السبعة في عام 1982م أيضاً تم إخراج مسرحية (الملك هو الملك) لسعد اللة
ونوس و في عام 1983م اخرج مسرحية (حصار بيروت) للشاعر شاكر اللعيبي وقد شاركت
المسرحية في ذكرى الحصار وقدمت في محافظة حضرموت قدم مسرحية " رأس المملوك جاجر" مع
مجموعة من الفنانين العراقين أخر الأعمال المسرحية الرائعة والتي شاركت فيها ولأول
مرة في تاريخ فرقة أكتوبر في المهرجان المسرحي الأول في عام 199،م مع مطلع الوحدة
اليمنية وهي مسرحية ( الفيل يزاملك الزمان ) لسعد الله ونوس بطولة جمال كرمدي
وعقلان مرشد وياسر سلام وعمر مكرم وعبدا لله شرف وآخرون ، وقد شاركت المسرحية في
مهرجان قرطاج الدولي عام 1991م وقد كان له دوراً بارزاً في إثراء الحركة المسرحية
اليمنية واكتشف عدة مواهب مسرحية أبرزها الفنان المسرحي القدير ياسر سلام .
حميد
البصري ونغم لم ينسى اللقطة الحقيقة أثارتني عاطفة الناس تجاه "الداعية إلى المسرح"
الفنان إسماعيل خليل، مما حفز عندي هاجس البحث عن أسماء يتداولها الوسط الفني
والاجتماعي العدني باستمرار ، فكان الموسيقار حميد البصري شيخ النغم بلا
منازع.
حميد البصري ما زال عائشاً في سوريا الشقيقة، ظل في ذاكرة مريديه فإذا
بهم يتحدثون عن قامة قل نظيرها يتحدثون عن سلوكه وحديثه عن جمل مازالت محفورة في
ذاكرتهم قالها الرجل منذُ سنين حميد البصري علامة فارقة في ذاكرة الوسط عندما يذكره
احدهم يرفع يده اليمنى ويمط شفته السفلى ثم يهوي بيده على ركبته أو على كفه الأخر
قائلاً: هذا الرجل خسرناه عندما رحل لقد أعطى للفن والموسيقى اليمنية الشيء الكثير
وعشقته المدينة ولكنه آثر الرحيل ، ولكن لم ينسه الناس ولم يملوا ذكر اسمه الذي
سيبقى مثل الأمواج الأزلية التي تتجدد كلما هبت رياح الذكريات.
الفنان
والموسيقار حميد البصري شغل نائب لمدير عام معهد جميل غانم للفنون الجميلة للشؤون
الدراسية عند تأسيس الدراسة النظامية عام 1979م - رئيس فرقة ( الطريق) العراقية
للأغنية السياسية قدم الكثير من الأغاني السياسية التي لازالت عالقة في أذهان أبناء
عدن حتى يومنا هذا وأهمها أغنية( الفاكهاني) بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام
82م وأغنية (الهاشمي قال) وغيرها.
- حميد البصري كان مثالاً للفنان والأستاذ
الأكاديمي الذي تتلمذ على يديه كثيراً من جيل الفنانين اليمنيين المعروفين منهم :
عازف الكمان أنيس مصلح، عازف الكمان نضال عبد الرحمن،عازف التشيلو عدنان سالم ،
عازف التشيلو خالد برقوش ونجم وممثل اليمن في الخليج الموسيقي عارف جمن، ونائب مدير
عام المعهد جميل غانم حالياً سهل بن اسحاق، حيث كانت أطروحة تخرج الطالب سهل حينها
عن مجموعة أعمال من الحان البصري.
- حميد البصري أول قائد فرقة موسيقية في اليمن
تعزف على أصول النوته ويعتبر هو رائد هذه التجربة التي شاركت في مهرجان الجزائر عام
1983م.
- حميد البصري أول من قدم لليمن المسرح الغنائي (أبجدية البحر والثورة)
قام ببطولة مع الفنان نجيب سعيد ثابت وشوقية العطار حرم حميد البصري واخرون، وتأليف
الأستاذ سلطان الصريمي.
السوماني والوفاء هذه المرأة لرجل عايشته حادثته أدركت
لماذا أحبه الناس ورفعوه إلى منزلة القديسين انه الدكتور مبارك حسن الخليفة
السوداني أو السوماني بمعنى: السوداني - اليمني، جاء ذات يوم إلى مدينة عدن بعد أن
خذلته إحدى المدن العربية، جاء وفي قلبه توجس من يحمل الرسالة جاء بعمامته البيضاء
الملتوية على رأسه بعيون مرهقة من وعثاء السفر ومعه حقيبته المتشحة بغبار الطريق
وبضعة أوراق تثبت انه أستاذ في اللغة العربية.
لم يمض وقتاً طويلاً حتى انتشر
الحب واستعر وبات الغريب صاحباً للمدينة، عاش كل مراحل العناء التي مرت بها، جعل
أبوابه مشرعه لكل طالب علم واشرف على عدد كبير من رسائل التخرج، جرت السنون عشر بعد
عشر حتى سلخ من عمره نصفه في عدن ،احتضنته منتديات المدينة ، أحب الناس سودانه،
الذي لا يأكل من استحضاره حين يشارك أهل عدن أفراحهم وذلك برفع يده اليمنى وضرب
أصبع السبابة بالوسطى بشكل متتالي معبراً عن عادة السودانيين حين يطربون، د/ مبارك
الخليفة لم يزل بين أظهرنا وقد بلغ من العمر عتياً لكنه دائم الشباب دائم الحب دائم
العطاء.
لا يعرف المرء أيهما البادئ في العشق أهي المدينة أم هؤلاء الرجال ،
أيهما أكثر وفاء العاشق أم المعشوق ، أم أن الوفاء هو عنوان للمكان لاسيما حين
يقترن بالعطاء.
وبمناسبة أفراح المدينة القادمة بخليجي عشرين والأعياد الوطنية
لماذا لا تبادر وزارة الثقافة بدعوة الفنانين المخضرمين والذي يعتبرون من المؤسسين
للحركة الفنية في عدن واليمن ودعوة العراقيين حميد البصري وإسماعيل خليل للحضور إلى
اليمن ليحتفي بهما في مدينتهم الوفية " عدن "!.