;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

مد الثورة وجزر النظام 2222

2011-05-15 03:23:45


إن الثورات والأنظمة يعتريها ما يعتري الإنسان من القوة والضعف، فإن مد ثورة الشباب يسير في ربيع العمر بخطوات واثقة في حين أن النظام يعاني من الجزر الشديد في كل شيء، ويترنح النظام في تعثرات سنوات السبعين وأخواتها، وليس لأمر الله رد، {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} (54) سورة الروم. وهذه بعض مظاهر مد الثورة وجزر النظام:

التكامل مقابل التآكل
إن ثورة الشباب تسير في تكامل وامتداد على جميع مستوياتها، بمختلف مجالاتها، في حين يتآكل النظام من داخله، فهو يفقد كل مكونات البقاء، فالجيش اليمني الحر تركه وأعلن الانضمام السلمي للثورة الشعبية، والوزراء الشرفاء استقالوا ولحقوا بالثورة، ونواب الوزراء ووكلاء الوزارات انفضوا عن علي صالح وفساده وهتفوا باسم الثورة.
إن هذا النظام البئيس يتخلى عنه كل الشرفاء والأحرار والوطنيون، ولم يبق معه إلا البلاطجة في ميدان التحرير وفي بيت الشباب في المدينة الرياضية يقتلون المسالمين الذين يسيرون في الطريق المسبلة الآمنة، يعيثون في الأرض فسادا وإفساداً، ومع ذلك لا يخجل هذا النظام البائس أن يعيب على قناة الجزيرة استقالة بعض مذيعيها، ولا يرى أن شعبه يرفضه، ووزراءه وقادته وأبناء عمومته يلفظونه، وأن مشائخ اليمن وأحراره ينبذونه وراءهم ظهرياً، ويعلنون البراءة منه والتبري من نظامه.
إن نظام صالح يتآكل زماناً إلى نصف ساعة في يوم الجمعة وخطبة بعد الخطبة، ويتآكل أرضاً إلى قطعة أرض وميدان، قطعة أرض محاطة بسور في دار سلم لا يتعداه من الجمعة إلى الجمعة، وميدان هو ميدان السبعين، ويتآكل جمهوره إلى حفنة من فاقدي الإنسانية، الذين يبيعون أنفسهم وأهليهم ووطنهم بدجاجة وألفين.
الظهور مقابل الضمور
إن ظهور شباب الثورة يتمثل في كل شيء، هو ظهور ثورة شابة، أمام نظام شاخ كل أركانه، إنه ظهور أبناء العشرين وحيويتهم، أمام ضمور أبناء الثمانين والسبعين وضعف شيخوختهم، وهو ظهور الرجال الأحرار والنساء الحرائر أمام ضمور مرتزقة العمل السياسي الذين يبيعون دنياهم وآخرتهم بأربعة آلاف ريال، ثم يقتل على أمل معاش آخر الشهر، فأين ظهور الرجال الأبطال وهم يسيرون تحت الرصاص من ضمور الجبناء الذين يطلقون الرصاص على الصدور العارية.
إن ظهور التفوق الأخلاقي الذي يتمتع به الشباب صدقاً في القول والعزم والإرادة، يقابله احتراف للكذب وتباهٍ بالكذب أمام الناس والتزوير وانتحال الشخصيات أمام القنوات الدولية، وهو انفراد تفوق فيه سكرتير رئيس الجمهورية فهو ناطق رسمي باسم البلد أو هكذا يفترض قل لي بربك أيها القارئ الكريم ماذا تركوا للآخرين من الكذابين المحترفين.
ويتفوق شباب الثورة أخلاقياً في الشجاعة والبطولة والبسالة، إننا نحب عنترة لبطولته وشجاعته أمام الجبناء أنصاف الرجال من بائعي الضمائر الذين يبيعون أنفسهم في سوق النخاسة السياسية، يمتهنهم الظالم ويسلبهم كرامة الإنسان
وهو ظهور قادة الرأي، المتواجدين في الساحة من مثقفين ومهندسين وأطباء وطلبة وأحرار القبائل ورؤوس المشايخ، وركائز القوم، ووجهاء اليمن، في ظهور تتباهى به اليمن إلى آخر الدهر، في ضمور للنظام تجسد عمراً وزمناً وميداناً ووطناً في نظام نصف ساعة في سوق السبعين.

الانتشار مقابل الانحسار:
إن ثورة الشباب أكملت انتشارها ملء الوطن، وبامتداد رقعة الخريطة اليمنية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وسهلاً وجبلاً وبراً وبحراً فمن سقطرى التي تبعد ثلاثة ألف آلاف متر عن اليابسة إلى صعدة والمهرة، فأجمعت الذات اليمنية على نصرة الثورة وتبنيها تبنياً كاملاً في ولاء لها، وانتماء تاماً إليها، فالشعب كله في محافظاته جميعاً ومديرياته كلها مع الثورة، في حين انحسر النظام إلى ميدان في صنعاء نعرف طوله وعرضه ومقدار ما يستطيع أن يسعه.
وانتشرت ثورة الشباب زماناً لتغطي خارطة الزمن كله أربعاً وعشرين ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع، وثلاثين يوماً في الشهر في اعتصام جلل لأجل اليمن، فاشتملت حيوية الشباب اليمن بأكمله في عواصم المحافظات وساحات الاعتصامات معلنة تحت أمرك يا وطن بتعبير الأحرار، في حين يجمع النظام المتهالك كل قوته لنصف ساعة من نهار، فانحسر وتحسر، ومن يهن الله فما له من مكرم.
وانحسر النظام إلى إستديو يزمر له ويطبل في قنوات النظام التي تمثل خضرة قلب يسلي بها النظام نفسه، ويكذب على ذاته، ويريح نفسه وهو يدعي الأمجاد، إن الكذب شقاء، والكذاب على غيره شقي، وأشقى منه وأتعس من يكذب على نفسه، ويرى سوء عمله حسناً قال الله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} (8) سورة فاطر. وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ} (37) سورة غافر ومنهج فرعون قتل الأطفال وذبح الأبناء، فالنظام يتمادى في اتباع هواه قتلا وتدميراً وتخريباً واعتداءً وإجراماً ممنهجاً وإرهاباً منظماً، والشباب يسيرون في خطوات واثقة أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وصدق الله تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} (14) سورة محمد.

الرقي مقابل الانحطاط:
يتجلى رقي الثورة وشبابها في رقي المفردات التي يتداولها الشباب على ألسنتهم، ويتحدثون عنها في منتدياتهم، ويناقشون عن معانيها القريبة والبعيدة، ورقي في خطابها يمتلئ بالحيوية والجدية في وطنية كاملة تستدعي الإعجاب، والشباب يشتبكون مع المستقبل، فهم يدرسون حل مشكلات اليمن من خلال المنتدايات والملتقيات والائتلافات، فتراهم يمعنون النظر في مستقبل اليمن، فهم لا ينظرون إلى الماضي ولا يتصارعون معه، ذلك ما يفعله النظام البائس، وأما ألفاظ النظام ومفرداته فهي القتل والاحتراب والاقتتال والتخويف من اليمن وتصوير اليمن بصورة بشعة تنم عن حقد على اليمن شعباً وتاريخاً، إن النظام لم يقرأ تاريخ اليمن العظيم، فينحط في خطابه وأعماله.
إن رقي شباب الثورة بلغ منتهاه وهم يرمون الورود على قاتليهم، ويبتسمون للموت ورصاصات الغدر تنتهب الأرواح الطاهرة، وحده النظام الذي تخصص في القتل، واحترف سفك الدم باقتدار، وهو انحطاط ليس وراءه انحطاط، وهو ما يعبر عنه الثوار بقولهم: يا للعار يا للعار.. سلمية تضرب بالنار.
إن تردي النظام في وديان الانحطاط السحيقة بلغ إلى أن يقول: إن الثوار يأتون معهم بالجثث، وهو يرى صور الإعدام للشباب اليمني على الهواء والدم يفور من الأعناق، ويشخب من أجزاء البدن، وهذا انحطاط عدواني، يقابله إنسانية لا مثيل لها للثوار الذين يداوون من يقتلهم وهو ما أكده نبأ الشيوبة الذي مات ثم بعث الله من في القبور، وكشف الله زيفهم.

الإنسانية أمام العدوانية:
إن عدوانية النظام سارعت في جزره من الحياة السياسية وتحوله إلى محرقة لشباب اليمن يقتل ثم يكذب ويتهم الشهداء في عدوانية لا يقبلها الإنسان اليمني، ولا تعرفها أخلاقيات الشعب اليمني، فالنظام يسلط بلاطجته يقنصون ويقتلون ويطلقون النار على شباب في عمر الزهور بلا رحمة ولا شفقة، وتبلغ العدوانية ذروتها حين يأسى النظام لرجل شائب شيوبة بالتعبير الرسمي الفصيح ـ ونحن ضد الاعتداء على أي أحد ـ ولا يقدم أي أسى لمن قتلته رصاص بلاطجته غدراً وعدواناً.
إن هذه العدوانية التي يتميز بها النظام ويتفوق فيها يقابلها إنسانية شباب الثورة، وهي إنسانية رافقت الثورة في كل مراحلها؛ لأنها جزء منها، فإنسانية الثورة ذاتية، فهي تفوح منها كما تفوح الرائحة الطيبة من الورد تلقائياً، وتنبعث منها كما ينبعث الضوء من الشمس والنجوم بطبيعتها، فهي إنسانية تحمل معاني التسامح والرقي والسمو فوق المواجع والارتفاع حداً يصل عنان السماء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد عيضة شبيبة

2024-04-27 03:04:29

إلا الزنداني!!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد