ثمة ما يدعو للاستغراب من الظهور المترقب للسيد/ أوباما الذي طال انتظاره من قبل المتابعين السياسيين - والذي ظهر فيه كوصي على الشعوب العربية- مبدياً حرصه الشديد على مصالح الأمة، لاسيما الشباب منهم.
أوباما الذي أخذ يتنقل في كلمته من بلد لآخر، مستغلاً ما تعيشه المنطقة العربية من تغيرات وظروف عصيبة تعصف بها على الصعيد السياسي والأمني، واعتبر تلك الرياح التغييرية التي هبت على الشعوب العربية –أزمة سياسية من خلال استخدامه مصطلح أزمة في أكثر من موضع في خطابه وهذا ما يدل على حرص الرجل على تحويل الإرادات الثورية إلى مجرد أزمات.
أوباما وكعادته الخطابية التي يجيدها بامتياز واستخدامه أسلوب "العض والرقية"، أعرب عن امتعاضه واستيائه من حكام تلك البلدان إزاء شعوبهم، مشخصناً وصفه لكل حاكم بما يتناسب مع أهوائه، مثلاً: كان يتحدث عن القذافي واصفاً إياه بالطاغية، أما المصري والتونسي فوصفهما بالزعيمين المنعزلين، مشبهاً ما يحدث في سوريا من مجازر بما يحدث في إيران وذلك من حيث شدة فظاعتها –حد وصفه- ورغم وصفها بالبشعة إلا أنه دعا الرئيس السوري إلى الإصلاح، ما لم فليتخلى عن السلطة – الأمر الذي يظهر اللامبالاة في خطابه السمج إزاء تلك الجرائم التي عبر عنها بالمجازر.
السيد/ أوباما نوه في خطابه مستدركاً الأحداث اليمنية بأنه كان ضميناً فيما يخص المبادرة الخليجية التي سعى لها الإخوة الخليجيون كحل للأزمة اليمنية، مكتفياً بحثه على توقيع المبادرة، في حين كان الأولى بهذا الرجل -الوصي – الذي حرص على حرمة الدماء البشرية والعنف ضد المعتصمين المطالبين بحقوقهم المشروعة سلمياً- كان أولى به التأكيد على ما سيترتب عن عدم توقيع الرئيس/ صالح على المبادرة ومماطلته العبثية التي تزيد في حال تأخرها من سيل الدماء اليمنية، وذلك من خلال العقوبات الدولية والقوانين النافذة في المحاكم الدولية وكان الأولى به تحميل السلطة اليمنية مسؤولية تلك الدماء.
الرئيس الأميركي الذي شدد على ضرورة احترام حق الأقلية وحرية الشعوب، استرسل في خطابه طرق نجاح الثورة قائلاً: إن الشعوب هي التي تصنع إرادتها في إنجاح ثورتها، مستدلاً بأن أجداده عندما تاقت أرواحهم إلى الحرية وقدموا التضحيات الروحية وسالت الدماء، وكأنه يدعو الشعوب إلى تقديم المزيد من التضحيات وإن كان من شيء يدل على ذلك، فهو أن هذا الرجل الوصي على الشعوب لا يأبه بدمائها ولا يكترث لتلك الجرائم ضدها.
سطور المقال سالف الذكر أردنا توضيحها للقارئ الكريم عن هذا الرجل المتمظهر بالإنسانية وحرمتها، بالإضافة إلى عدم جدية الرئيس الأميركي في إظهار الاستراتيجيات الجديدة التي طرأت على الشرق الأوسط، وخير دليل على ذلك ما جاء في خطابه بشأن ربيبته إسرائيل الذي أكد حمايتها، مستدركاً على عجالة إقامة دولة فلسطينية بحدود 1967م، في رسالة منه للشعوب العربية عامة وللحكام خاصة، بأن إسرائيل خط أحمر لا يمكن الاقتراب من سيادتها.. وحتى لا أطيل عليكم هذه مجرد رؤية قرأتها من خلال متابعتي لما أوردته وسائل الإعلام عن اللقاء الصحفي للرئيس أوباما.
صادق الصُليحي
أوباما ووصايته على الشعوب 2006