من ركب فرسين شق دبره.. فكل منهما ينطلق في اتجاه وعلى خط مضاد لاتجاه وخط الآخر.. ومن اعتقد في ركوب فرسين مضاعفة لسرعة الانطلاق واختصار زمن الوصول وقع ضحية لخطل وسخافة هذا الاعتقاد.
ومن أراد أن يكون الشيء ونقيضه في ذات الوقت فقد الاثنين معاً.. فلا هو حافظ على ما جبل عليه منذ الخلق ولا أضاف إلى تكوينه الطبيعي صفات مكتسبة.
فمن العسير أن تجمع بين ذكاء الغراب وانقضاض الصقر ووداعة الحمامة.. فإن جمعت ما لا يجتمع.. خرجت بحصيلة كارثية وتكوين مسخ.. فربما تأخذ على غير ما أردت "من الغراب قبحه ومن الصقر دمويته ومن الحمامة ضعفها واستسلامها لكل ذي مخلب".
وإذا كانت التقوى والفجور.. الاستبداد والعدل وغيرهما من الثنائيات المتصادمة لا يلتقيان عند جذر ومرجعية أخلاقية واحدة.. فإن لدينا صوراً تلتقى ونماذج عدة لمحاولات توفيق وجمع النقائض على سرير واحد وبالحلال.. فهناك من يشحن الديمقراطية على صوريتها في دبابة السلطة ويرميها في أول مكب للنفايات، وحين تتجاوز شعارات الديمقراطية المربع المصرح به ويقر خصومها بأن مبادئها قد تعافي الجسد وتشفى المجتمع من الخوف الرعاش والصمت الجبان، ولكنها تصيب جسم الحكم بالحمى الوبائية.. حينها تتحرك بقوة لدى السلطة فيروسات الانقضاض على حقوق وحريات الناس.
حصل هذا ويحصل في هذه البلاد.. فالنظام ركب على فرس الديمقراطية والادعاء بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وترك نصفه الآخر ممتطياً الدبابة والسلاح وسار كل منهما في طريق مغاير، لم نر شيئاً انشق، ولم نسمع أصوات فرقعة لشيء سقط من أعلى لينكسر ويتحطم على الأرض، الفاسدون على قفا من تشيل وقاعة عرض الخدع الديمقراطية "كمبليت" والحضور بالتكليف، المصداقية عند النظام في أزهى تجلياتها وأعلى درجات لياقتها السياسية التآمرية.. حيث تدعوك قناة الكذب والخرط الرسمي على مضض مساءً لإلقاء بيان نقد.. ثم تصحوا على "برنامج قتل" معمم على مختلف الوسائل الإعلامية يكفي لذبحك عشر سنوات قادمة إلى الأمام ويزيد!.. إنها ديمقراطية دعه يصرخ.. دعه يغرق.. دعه يموت.
ديمقراطية دعنا ننهب.. دعنا نكذب.. دعنا نقمع قبل أن يأتي الطوفان ويشعل حريق الغضب.
محمد الحيمدي
ديمقراطية دعنا ننهب.. دعنا نكذب.. دعنا نقمع!! 3281