;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

التدين الحق يرفض الظلم والظالمين 2665

2011-08-22 05:25:14


إن الثورة الشعبية الشبابية السلمية جددت معاني التدين والعمل بالدين في حياة اليمنيين، حيث انتفضوا يرفضون الظلم، ويبذلون جهدهم ووقتهم أمراً بالعدل، ولتحقيق العدالة في الحياة، وسعياً لكف يد الظالم، وقصره على الحق قصراً، وعطفه عليه عطفاً، حتى لا يظلم فرد، ولا يمنع حق، ولا تمتد يد سلطان بمظلمة على أحد من المواطنين.
إن الثورة أعادت للتدين اعتباره باعتبار أن التدين رفض للظلم، وأخذ بيد الظالمين، فمن أعان ظالماً سلطه الله عليه، وإن أبا بكر الصديق يقرر في أول خطبة: أن القوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق منه، والضعيف قوي لديه حتى يأخذ الحق له، وأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه يقرر أن الولاة إذا أدوا ما عليهم من العدل كان لهم ما يستحقونه من الطاعة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد عزل الحاكم الذي لا ينفذ أمر الله تعالى وأمر رسوله، فعن عقبة بن مالك قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فسلحت رجلا سيفا، قال: فلما رجع قال: ما رأيت مثل مالا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أعجزتم إذ بعثت رجلاً فلم يمض لأمري، أن تجعلوا مكانه من يمضي لأمري". رواه أبو داود وأحمد وابن حبان في صحيحة. فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمة حق عزل الحاكم.
إن الثورة أعادت للقيم الدينية ألقها وفعلها في حياة اليمن بأفراده ومجموعه، تلك القيم التي تجعل من السكوت عن الحق جريمة، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وتؤكد أبهة المجد الذي يناله من يقف في وجه الطغيان، سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله، وحققت معاني النضال السلمي؛ فأفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر، كما هو في الحديث الصحيح.
إن الثورة أظهرت العلماء الذين يعبدون الله بعلمهم، ويصبرون على الأذى في سبيل الله، ويحتسبون الأجر عنده فيما ينالهم ماديا ومعنويا، وكشفت سوءات علماء السلطان، الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، بل يتاجرون بالدين، ويتلاعبون بالنصوص، ويدعون أن الله تعبد عباده بطاعة الظلمة، وموالاة الظالمين. ناسين ومتناسين قول الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (194) سورة البقرة. وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75) سورة النساء.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد" رواه البخاري والترمذي. وفي رواية للترمذي وغيره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد. وعن سويد بن مقرن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون مظلمته فهو شهيد"رواه النسائي.
إن الدين الإسلامي هو الدين الذي يرفض الظلم والاستبداد حيث يقرر أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، وهو ما جعل الدين أهم محرك لقيام الثورات ضد الظلمة من لدن الصحابة رضي الله عنهم وفي مقدمتهم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حركة الحسين بن علي رضي الله عنهما ضد يزيد، ثم جماهير التابعين في خروجهم مع ابن الأشعث ضد الحجاج بن يوسف، وحركة زيد بن علي لتقويم اعوجاج هشام بن عبد الملك، وهلم جرا.
إن تاريخ العلماء في الإسلام حافل بمقاومة الظلمة بل هو كله مقاومة للظلمة وحرب على الظالمين، من هنا ندرك أن علماء السوء من تنابلة السلطان ومن حملة المباخر، والمجامر، وأصحاب الفتوى الجاهزة فلا استبداد في الإسلام، ولا قبول بالمستبدين بل رفضهم الإسلام، ونهى الصحابة رضي الله عنهم حتى عن النظر إليهم، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: لا تملأوا أعينكم من وجوه الظلمة. فنهى عن النظر إليهم بالعين كاملة، فكيف بطاعتهم وإتباع أوامرهم، ووقف معهم، وقاتل لأجلهم، وقتل المواطنين، لكي ينعم الظالمون في قصورهم.
وارتفعت الصرخات من العقلاء والوطنيين والعلماء وقادة الرأي تنهى أن توجه البندقية اليمنية لقتل المواطن اليمني، وأن يسخر الجيش اليمني لقتل اليمنيين، فهذا مواطن يمني فلماذا تقتله لماذا تعتدي عليه؟ أين غابت عنك وطنيتك؟ كيف تسفك الدم اليمني؟ أين ضاعت منك معاني الحفاظ على أرواح اليمنيين؟ أين ذهب عنك عقلك؟ ماذا دهاك حتى تلقى الله تعالى قاتلا؟ قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.
 وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يجيء الرجل آخذا بيد الرجل؛ فيقول: يا رب هذا قتلني؟ فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول لتكون العزة لفلان؟ فيقول: إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه"، هذا في الآخرة وفي الدنيا، بشر القاتل بالقتل، ولو بعد حين، وكل قاتل موعود بالقصاص.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد