إنه زمن (الثورات) العربية المسمى بـ(الربيع العربي) الذي أعادت الحقوق وانتزعته من كل جبابرة الأرض من عروشهم مخلوعين.. ومذلولين.. ومهانين، لإعادة الحقوق لشعوبها.. والأرض لأصحابها، بدون تميز سلطوي.. أو عنصري.. أو عسكري.. أو مشايخي تتبع الشيخ الفلاني.. والمسئول العلاني، فهاهي الثورات قد جاءت لتمحي كل مستبد وظالم طغى على الإنسان في حياته الاجتماعية وفي شتى المجالات والتخصصات.. انتفضت الشعوب لتقول كلمتها وتغير من جلدها، آملة بتغيير جذري في (سرطان خبيث) أصاب تقدمها وازدهارها بشلل، فمن حقها ذلك، مادام وهو يعمل في خدمتها وليس العكس.
قد أكون أكثرت من مقدمتي الفلسفية التي تحكي واقع الحال وطقوس أمتنا العربية مع الربيع العربي في التغيير، فمن بين هذا (الربيع المثمر) قرأت هنا في الصحيفة في الأيام الماضية خبر أثلج صدري كثيرا، مرادفه: "الرياضيون يجمعون توقيعات لتقديمها للاتحاد الدولي، لأقاله اتحاد الكرة".. وأنا هنا أضيف (اتحاد الكرة الفاسد)، نعم فاسد مع مرتبة الشرف والتميز والاقتدار، فاتحادنا وبصراحة لم يعطِ للكرة شيء، لم يقدم شيء، غير البهرجة لعشاقها والفشل المتعمد وأمام أعين الجماهير يكرره مرة ومرتين وثلاث دون شعور بالشعب اليمني، ودون حياء من ما صنعه ويقدمه لكرة القدم، اللعبة الأكثر شهرة والأكثر شعبية في العالم.
ونحن هنا في اليمن كم وجدنا الويلات من اتحادنا، كم عاصرنا مصائب ترفع الضغط وتوجع القلب، وكم من مشاكل ومهازل أوقعتنا في ورطات، وكم من فشل جعلنا نبكي طوال الليالي، ففي عهده لم نعد نرى انتصار مشرف للمنتخب الأول، وفي عهد هذا الاتحاد وجدنا منتخبنا ينهزم بالسبعة والخمسة والاتحاد مسرور يرقص على أنغام خسارتنا!، ويعيش على عللنا بكل قوة وسلطة ونفوذ، وفي عهده تم إقصاء منتخبنا وطرده بعد أن تأهل في حادثة طشقند الشهيرة التي لن ينساها أي يمني رياضي.. وفي عهده وجدنا منهم دخلاء الكرة يرتعون.. ويعبثون.. وينتشون بكرتنا كيفما يشاؤون وبالطريقة التي تناسبهم، حتى لو دفعوا ثمنها (الفشل مقدما) والخزي والعار بحق هذا الوطن من قبل اتحاد، لا يهمه اللعبة ولا تشريفها، وما يهمه هو نفسه وشخصياته فقط، مع علمهم أنهم فاشلون.. فاشلون، لكنهم يعرفون أنه لن يحاسبهم أحد، ولن يقف في طريقهم أي شخص، فنظامنا وسلطتنا لا تعرف وأين رياضتنا، وعلى ما يبدوا أنها تعمدت إبقائنا على ما نحن عليه، فصارت الرياضة وبذات (الجلدة المنفوخة) مجرد تسالي يتسلى بها القائمون عليها، و(طز) في كل مواهب اليمن ولا عزاء لكل رياضي.. وطبيعي ذلك لأنك (يمني)!!.
الفشل في رياضتنا مستفحل، وكثير ومتنوع الصور والألوان، ففيه ما يشيب الشعر، وفيه ما يذهل العقول، وفيه ما لا يتمناه عدو أو صديق، لا أريد أن (أتوغل) في أدغالها وأرصد أوجاعنا الرياضية الكروية، فيكفي نظرة المجتمع اليمني العادي للكرة اليمنية حين يذكر (كرة بلده) باحتقار شديد، وهو يقول أنت مجرد لاعب يمني!.. أو يقول منتخب يمني غير معترف به، في معنى يحمل بداخله الإهانة والنقص؛ لأبناء جلدته بأنهم غير مؤهلين ولا جديرين ولا يمكن أن يكونوا أو يأتي منتخب يمني يشرفه في المحافل الدولية، فماذا بعد هذا يا اتحاد الكرة تنتظرون.. فقد "آفاق" الرياضيون قبلكم وانتفضوا وأعلنوها ثورة ضد "اتحادنا"، الذي على ما يبدو أنه ختم مشواره (بتجاوزات خطيرة) كانت بالرقص على جثث الشهداء.. وتصفيقه وتصفيره على أوجاع الجرحى، واحتقاره بدون شعور بحرمه اليمنيين أو بدمائهم، وهم يقتلون.. وينزفون في الساحات.. والاتحاد يدشن أفراحه مؤيدا لها "بدوري" لم يعد يتابعه إلا أعضاء الاتحاد فقط، وهي من جعلت الرياضيين يفيقون من سبات نومهم الذي استمر طويلا.. فشيء جميل أن يصير (الرياضيون الثائرون) وهم يبدؤون بجمع توقيعات لإقالته،بحق من حقوقهم الرياضية، كي ينعموا برياضة مستقبلية وحافلة ومثمرة، بعيدة عن تغطرس المشايخ وتدخل الدخلاء في كرتنا.
فصحيح إننا كنا بأمس الحاجة لهذه الثورة الرياضية، وبذات في رياضتنا وليس في كرة القدم فحسب، لأن رياضة البلد بنفسها يعيش عليها ويبسطها وكأنها (قطعة أرض)، ثلة من (المتنفذين) والفاسدين الدخلاء على اللعبة، وأبناء اللعبة أنفسهم، طردوهم وهمشوهم، حتى ظهرت الرياضة في "بلدي" في منظر هش، لا يحسد عليه أحد، ولكن وكما يقال: "إن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي".. فأنا هنا أشد من همه كل رياضي حر في كل نادٍ حر، أن يستجيب لهذه الحملة، وأن يوقف معها ويؤازرها، لأنها خطوة نحو التصحيح في نظام اتحاد لم نشهد له أي إنجاز يرفع الرأس، وعليهم أن يعرفوا أن الثورة الكروية سوف تجعل بقيه الألعاب (يفيقون) هم الآخرون وينتفضون صاغيين.. ومدركين.. ومنقذين لرياضتهم التي صارت بالحضيض، دافعينها إلى التألق والبروز في قادم الأيام.. هذا وسوف يبقي نبض قلبي يمانيا.
عباد الجرادي
الرياضيون يريدون إسقاط الاتحاد! 2223