في لحظةٍ ما سادت فيها الغفلة تمكن الحوثي من السيطرة على العاصمة وعدد من المدن والمحافظات وأسقط المؤسسات الرسمية وتمكن من تنصيب نفسه سلطة بقوة السلاح والبطش والتنكيل بعد خذلان المؤسسات الجمهورية الصلبة التي وجدت نفسها تائهة مقيدة عن فعل أي شيء لتحجيم الحوثي وإيقافه عند حده
وفي مرحلة غلبت فيها الحسابات المتضادة استطاع الحوثي البقاء واللعب على المتناقضات لتثبيت نفسه، ثم التفرغ لتنفيذ ما بقي في جدول أعماله من مهام تستهدف الهوية الوطنية الجامعة لشعبنا اليمني، وتفكيك نسيجه الاجتماعي وتماسكه الذاتي من سنين طويلة.
غير أن هذه المكاسب التي حققها الحوثي ظلت مهددة بواقع يدركه جيدا، ذلك أن الشعب والمجتمع لم يتقبله كسلطة أو نظام حاكم وبقي يتعامل معه كعصابة طارئة خدمتها الظروف لتطفو على السطح بكل ما فيها من سوء وتشوهات ذاتية لا يستطيع أحد تقبلها أو التعايش معها.
هذا الواقع بالنسبة للحوثي هو مهدد حقيقي ذلك أنه في لحظة معينة قد يجد نفسه في مزبلة التاريخ إذا تهيأت الظروف الموضوعية وتوفر قائد يستطيع قيادة المجتمع للانفضاض عليه وإزاحته من واقعه.
ومع أن استهداف الوعي الشعبي وضرب الهوية الوطنية هو مكون رئيس في الأجندة التي يشتغل عليها الحوثي، فقد أضاف الواقع الذي وجد نفسه فيه حافزا مهما للتعجيل في تنفيذ هذه المهمة بواسطة عدة مسارات أهمها وأخطرها المسار التعليمي من خلال عدد من الخطوات تعد في مجملها خطة متكاملة لتدمير المنظومة التعليمية في البلاد
في نظري هذه الخطة هي أخطر ما في المشروع الحوثي فهي تسعى إلى الانتقال إلى من مرحلة السلطة الطائفية إلى مرحلة المجتمع الطائفي وهي وإن كانت تبدو الآن مهمة صعبة على الحوثي إلا أنها وعلى المدى الطويل قد تحقق بعض الاختراقات الخطيرة خصوصا أنها تستخدم التعليم وسيلة وتستهدف الفتية وصغار السن الذين ما زالوا لقمة سائغة لمثل هذه الأفكار الخبيثة
ونحن وان كنا نراهن على وعي شعبنا إلا أن المحاولة الحوثية هذه خطيرة على المدى الطويل خاصة وهو موجهة نحو الفتية وصغار السن، وهذا أمر ليس بالهين وينذر بكارثة مستقبلية وقد نصحو جميعا على جيل كامل مشبع بالخرافات والأفكار الحوثية الطائفية التي لم نستطع العيش معها الآن وهي ماتزال محدودة الانتشار فكيف سيكون الحال إذا تحقق للحوثي ما يريد من خلال هذا التوجه.
اليوم الفرصة ما تزال سانحة أكثر من الغد لمواجهة هذا المشروع وفي الغد ستكون أقل لكن أكثر مما يليه، وفي الحقيقة هي مهمة لا يجب أن تتوقف لحظة حتى نفشل هذا التوجه الطائفي الخطير.
والجميع معني بهذا الأمر، أفرادا ومكونات، لا أحد معفي من القيام بمسؤوليته الأخلاقية وواجبه الوطني لمواجهة هذا المشروع الحوثي الطائفي الذي يهدد مستقبلنا كشعب حافظ على هويته وخصوصيته لمئات السنين قبل أن يجرؤ أحد على استهداف هويته بهذا الشكل الفج كما يفعل الحوثي اليوم.
أما الحكومة اليمنية والجهات الرسمية فهي ملزمة دستورا بهذا الواجب وعليها القيام بواجبها لإدارة هذه المواجهة مع المشروع الطائفي ووضعها على رأس أولوياتها وتوفير كل الإمكانات لتسهيل لإنجاح هذا العمل وقيادة وتنظيم وتوجيه كل الطاقات لمواجهة هذا العدوان الحوثي على عقول أبناءنا الصغار.