بأي كلمات أرثيك يا صديقي الشهيد، لقد كنت حقاً صديقاً حميماً، وأخاً صادقاً، ومحباً متواضعاً لمن تعرفه ومن لا تعرف، وشخصاً خدوماً للصغير والكبير، ومحباً ومناضلاً في سبيل الثورة الشبابية السلمية والذي أنت أحد نواتها الأولي.
والله يا صديقي إن أبلغ الكلمات، وأجود المفردات في قواميس اللغة لن تعطيك حقك، ولم تذرف عيناي الدموع إلا بعد استشهادك بيوم، عندما صادفني أحد طلابك في المدرسة التي كنت تعمل فيها، وطلب مني صورة الشهيد الأستاذ/ حمود عبد الله محمد الجماعي، ومضى يعدد مناقب أستاذه الشهيد فلفت انتباهي، فأخذت أقلب في البوم الصور في ذاكرة الكاميرا، وعندما شاهد صورة الشهيد قال: هو ذا مما دفعني للتركيز أكبر وأكثر في ملامح الرجل، وهنا كانت الفاجعة، وكان الحزن أكبر لأنه كان من أعز أصدقائي ولم أتعرف عليه حين استشهد وأسعف للمستشفى لسببين الأول أن ملابسه التي كان يرتديها تغيرت تماماً بلون الدم والثاني الاكتظاظ الكبير بالشهداء والجرحى والهرج والمرج الذي ساد المستشفى حينها.
لقد كنت مع الشهيد قبل دقائق من استشهاده يوم 25/10/2011م، وكان يسألني بحكم عملي الصحفي على الأحداث وعلى نتائج الاشتباكات بين القوات الموالية لصالح والمناصرين للثورة في جولة زيد الموشكي في تعز ووجهه يشع نوراً، وهو في أبهى صورة، وكأنه ذاهب إلى عرس، وكان يدعو من كل قلبه بالنصر لشباب الثورة وللمسلحين الموالين لها وكانت آخر كلماته "لا بد أن يتخلص هذا الشعب من هذا النظام وتنتصر الثورة لنعيش كما تعيش بقية الشعوب".
تركته وهرولت مسرعاً إلى المستشفى لمتابعة الأحداث ومعرفة أعداد الجرحى والشهداء إن كان هناك شهداء وما هي إلا ساعة واحدة وأتي به إلى المستشفى ضمن الجرحى الذين أسعفوا ومع كثرة أعداد الجرحى والهلع بين الناس من شدة القصف لم أركز عليه تماماً.
والقصة أنه عندما بدأ القصف على حي الروضة اشتعلت النيران بالقرب من جامع التقوى وطن الناس أن الجامع يحترق فهب الناس لإخماد الحريق في بيت من بيوت الله استهدفتها قوات الرئيس علي صالح والشهيد من ضمن أولئك الناس، وما هي إلا بضع دقائق إلا وحضر الأطفال يصيحون هناك جرحى وقتلى أمام جامع التقوى، ولم يستطع أحد التحرك إلى المكان لإسعافهم من شدة القصف، وهو ما جعل الكثيرين ممن كانوا حاضرين يعيشون بنفوس حزينة متعبة، وتأنيب ضمير غير طبيعي لشعورهم بالعجز والجبن في إنقاذ أرواح وأنفس حرم الله قتلها وقتلتها قوات علي صالح.
"موقف أبكى الجميع"
جيء ببنت الشهيد وابنه لزيارته وتوديعه الوداع الأخير وعندما شاهد الأبناء جثة والدهم انهمروا بالبكاء وابنته تخاطب والدها الشهيد" لمن ستتركنا يا بابا ومن سيدرسنا بعدك" فحاولت جدتها التهدئة من روعها فردت البنت"حرام عليك يا جدة خليني أبكي على بابا.. خليني أودعه على الأقل بالبكاء" والبنت لا يتجاوز عمرها العشر سنوات، حينها أدركت أن العظماء لا ينجبون إلا عظماء، فرحمة الله تغشاك أيها الشهيد وجعلك في العليين مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
إلى قناة سهيل والعاملين فيها
عندما نقول إلى قناة سهيل نعني بها طاقم تحريرها وإدارتها ومذيعيها، هذه القناة يطلق عليها أنها قناة الثورة لكن المعطيات والأحداث وتعاطي القناة مع تلك الأحداث ولد انطباعاً كبيراً عند الناس وخاصة في محافظة تعز، المحافظة التي تتعرض لهجمة شرسة وتقدم كل يوم قوافل من الشهداء نفسها نفس ما تتعرض له الحصبة أو صوفان، لكنها لا تحض في التغطية الإعلامية، ولا تأخذ مساحة بالقدر التي تأخذه الحصبة أو صوفان، فإما أن تكون هذه القناة فعلا قناة الثورة، وتغطي كل الفعاليات الثورية في كل أرجاء الوطن، وتعطي مساحات متساوية لكل الأحداث في كل المحافظات وخاصة المحافظات الملتهبة، وتغطي تصريحات كل أعضاء المجلس الوطني والمجالس الأهلية بالمحافظات كما تغطي تصريحات الشيخ حميد الأحمر، وإما أن تكون قناة الشيخ/ حميد الأحمر وتغطي ما يتعرض له أولاد الأحمر، ولا داعي للبعض أن يطلق عليها قناة الثورة أو لا يجوز أن توصف بهذا الوصف، وهذه الملاحظة ليس بدافع الحقد ولله، ولكن بدافع الحب لهذه القناة التي نتمنى لها أن تأخذ طريقها إلى العالمية بالمهنية، والحيادية، والاهتمام بقضايا الناس حيثما كانوا ومهما كان لونهم السياسي، وتنافس أشهر القنوات العالمية بعيداً عن التخندق الحزبي أو الأسري.