إن ما تتعرض له اليوم مدينة تعز من استباحة لدماء أبنائها وبناتها، وهتك أعراضها، وسلب كرامتها واستباحة تراثها الثقافي، والسياحي برمزيتها المسالمة يشبه تماماً ما تعرضت له عاصمة الرشيد "بغداد" على يد المغول بقيادة هولاكو الذي دمر بغداد بكل تراثها الثقافي والحضاري والإنساني، اليوم تعز الثقافة، والحضارة، والتأريخ، تعز المعرفة، تعز الثورة، وصانعة الثوار، وحاضنة الثورات، يستبيح ثقافتها وحضارتها وتأريخها المجيد مغول جدد تربوا على الجهل، وتقديس الأشخاص على يد نظام جاهل لا يحمل أي مقومات القيادة أو مؤهلات الحكم.
وإلا بالله عليكم ما ذنب نساء تعز اللاتي خرجن ثائرات ضد نظام حكم اليمن بالإفقار، والتجهيل، وجعل أبنائهن، وأزواجهن، وآبائهن مشردين ومهاجرين في دول الجوار يبحثون عما افتقدوه في وطن كان الأجدر بحكامه أن يوفروه لهم بدلاً من أن يبحثوا عنه في دول أخرى أن يقصفن وهن في مصلهن آمنات مطمئنات بين يدي الله تعالى ؟ وماذا سيقولون لرب السموات والأرض، الجبار المنتقم عندما ينتقم منهم وهو أعلم بما صنعوا في هؤلاء النسوة ؟ هل سيقولون له يا ربنا إنهن كن يحملن البوازيك وقذائف الآر بي جي؟ أم سيغالطونه كما يغالطون العالم اليوم عبر فضائياتهم وإعلامهم الوقح وسيحاولون إقناع ربنا بأن تلك المشاهد التي تعرضها قنوات الجزيرة، والعربية، وسهيل ليست من اليمن، وإنما هي مخترعة من مواقع الإنترنت، ومفبركة بحسب ما قالوا إنه تصريح المسؤول الأمني؟ كلا والله إن ربنا بكل شيء عليم يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ثم إذا كانوا هم إلى اليوم يتباكون على حادثة جامع النهدين التي تظهر عليها الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام ولا يستبعد الكثيرون بأن نكون من صنع أيديهم فأين ذهبت تلك القدسية لأماكن العبادة وأوقاتها التي يتباكون عليها إلى اليوم؟ وكم سيظلون يكذبون؟ وهم مقتنعون أنهم يكذبون، لأنهم بدأوا بإنكار الحادثة، ثم عادوا وحملوها اللقاء المشترك وأنصار الثورة ليضاعفوا جريمتهم أكثر، فلو سلمنا أن من قام بقصف مصلى النساء في ساحة الحرية بتعز هم أنصار الثورة وهو كذب وافتراء محض، فأين مسؤولية الدولة الأخلاقية، والقانونية، والدستورية في حماية هؤلاء النسوة، وفي حماية المواطنين.
كذلك ما ذنب الطفلة آمال عبد الواحد التي لم تبلغ من العمر 4 سنوات عندما يشق رأسها نصفين عند مستشفى الروضة ذلك المرفق الصحي الذي يقوم بخدمات طبية، ويساعد البسطاء الذين كان الأجدر بالمستشفيات الحكومية -التي ينفق عليها من أموال الشعب، والتي تحولت إلى ثكنات عسكرية، تقتل المواطنين، أن تقدمها لهم بدلا من أن يقدمها مستشفى الروضة الذي تعرض لقصف عنيف من قوات ألزمتها القوانين الدولية بعدم التعرض للمستشفيات، وطواقم الإسعاف، ووسائل الإعلام، وأوجب عليها الدستور اليمني حماية المرافق الصحية، وتوفير الحماية اللازمة لها ما ذنبها تقصف بتلك الهمجية وذلك الجنون؟ ألا تعتبر هذه الأعمال هي نفسها الأعمال التي قام بها المغول في بغداد، وإلا ما ذا نسمي ذلك عندما نجد تلك الطفلة التي لم تبلغ الرابعة من عمرها قد شق رأسها نصفين جوار المستشفى الذي كان الناس يظنون أنه أءمن مكان لسلامة حياتهم.
تحية لأولئك الجنود المجهولين:
قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين بأن المقصود بالجنود المجهولين هم المقاتلين الأشاوس الذين يحمون الثورة، أو أولئك الذين يدافعون عن نظام متهالك لا محالة، إنما أقصد أولئك الجنود والفرق الهندسية التابعة للمؤسسة العالمة للكهرباء الذين يصلحون ما تفسده القوات التابعة لصالح من محولات الكهرباء، وكيبلاتها في المدن الرئيسية، أو في الصحاري الممتدة على مساحة الجمهورية اليمنية.
إنهم فعلاً يستحقون التحية من كل مواطن يمني لأنهم يعملون في أحلك الظروف، ويعرضون أنفسهم للمخاطر يعملون حتى في الليل، وهذه شهادة لله ثم للتأريخ . رغم ما يتعرضون له من البلاطجة وهنا لا أقصد بمصطلح البلاطجة الذين يتبعون النظام، وإنما أقصد جميع البلاطجة من كل الأطراف ومنهم الانتهازيون الذين استغلوا الفرصة، وتهربوا من دفع، أو تسديد الفواتير منذ بداية الثورة، وحتى الآن متذرعين بأنهم لن يسددوا إلا لحكومة الثورة، ومعظمهم والله كاذبون، وهنا لا يوجه اللوم لهم، وإنما لهذا النظام الذي ربي الشعب طيلة "33"عاما على الانتهازية، وعلى الاستغلال، والجشع وخاصة عندما كان يتغاضي عن كبار القوم ويقوم بملاحقة بسطاء الناس وهذا التهرب والانتهازية نتيجة طبيعية لسياسة هذا النظام على مدار كل السنوات الماضية.
محمد الحذيفي
المغول الجدد يستبيحون تعز 2416