في الآونة الأخيرة أنتابني الخوف وأنا أقرأ في " أخبار اليوم" عن حوادث عنف واغتيالات في عدن وآخرها الهجوم على شباب الثورة بكريتر وفرار سجناء من السجن المركزي وهناك مخطط ( دبر بليل) لاستهداف أمن وسكينة هذه المدينة الاستثنائية كجزء من مخطط شامل يستهدف أمن واستقرار اليمن ككل حتى يقول الناس:( سلام الله على صاحبنا الأول).
ولهذا فإنني أدعو أبناء عدن إلى الوقوف صفاً واحداً ضد أي مخطط يهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في هذه المدينة الاستثنائية التي كانت وستبقى واحة وارفة الظلال ومدينة الأمن والأمان والسكينة والاستقرار والنظام والقانون ولهذه الميزات وغيرها تهفوا عليها أفئدة الناس من كل حدب وصوب.
عدن هذه المدينة الواعدة بغد مشرق ومستقبل زاهر يجعلها العاصمة التجارية والإقتصادية التي تنافس دبي وتتفوق عليها يجب أن تبقى جوهرتنا المصونة من كل شرور الآيادي الآثمة والقلوب الحاقدة والعقول المريضة .
هذه المدينة الدافئة التي أحتضنت البيحاني وطرموم والزبيري والزنداني وعبد الفتاح إسماعيل والعيدروس وإرثر رامبوا وباسندوة والمرشدي وإدريس حنبلة، هاهي اليوم تحاكم عصابة الفيد وشلة النهب وتخرج ثائرة بكل سلمية ووعي حضاري تهتف لأجل صنعاء وتعز وأرحب لتجسد الوحدة الأخوية في أروع مشاهدها .
عدن التي التقى تحت سمائها العلماء والثوار والعشاق والتجار والإخوة الأعداء والرفاق والمتخاصمون والسياح والسوفيت (الروس) وأهل السند وأهل الهند والإغريق والأفارقة والرومان شكلت بهذا الخليط المتنوع والمنسجم في آن لوحة رائعة من التعايش السلمي والتلاقح الحضاري.
شخصياً زرت عدن مرتين مرة عام 1995م ضمن وفد طلابي كانت عدن يومها في ذروة الحر فألقيت معظم ثيابي وكت أتحول إلى طرزان يدور ويتنطط حول المروحة وحرمنا الشديد من رؤية معالم المدينة والراحة فيها ..
وزرت عدن عام 2004م فسحرتني بأخلاق أبنائها وأدهشتني بروعة معالمها وطبيعتها وبحرها الذي وقفت أمامه وحيداً قبيل الفجر في الساحل الذهبي كنت مشروع شاعر فلما وصلت الشاطئ صرت شاعراً كاملاً وتفجرت قريحتي شعراً ونثراً، ناجيت البحر وشكوت إليه رحلتي المضنية في البحث عن غمراة مفقودة في هذا الزمان جمالها يفوق أوراس وأوزيس وفينويس، فأجابني البحر : لن تلتقي بها فأنت رجل من المريخ وهي امرأة من كوكب الزهرة .!!
جئت عدن مساءً وغادرتها مساءً بعد أيام قلائل ذهبت إلى الصهاريج وزرت قلعة صيرة ووقفت على البحر في الشروق وفي الغروب كانت عدن مدينة تضج بالحركة والحيوية والنشاط والروح العابقة بالحياة ولكنني كنت مستعجلاً والعجلة من الشيطان ربما لو مكثت فيها فترة أطول لزرت منزل رامبو هذه الشاعر الفرنسي الذي هجر لأجلها عاصمة النور باريس والشعر وأغنته عدن عن الدنيا وما فيها ..
يا أبناء عدن يا أساتذة المدنية ومعلمي الحضارة ويا أصحاب الوجوه المشرقة والأيادي الشريفة والعقول النيرة أسألكم بالله لا تدعوا ثغرة للشياطين الحاقدين العابثين بامن واستقرار عدنو أنصتوا لخطاب العقلاء من أبنائها ولا أخفيكم أنني شخصيا معجب بخطاب الأستاذ عبد الله الناخبي ذلك الخطاب الناضج المدرك للواقع والمستوعب للأحداث والمؤيدة للثورة والوحدة مع الشعب الضحية مثلكم وليس مع نظام صالح ولن أوفي خطاب العميد والأستاذ الناخبي حقه هنا وسأكتب عنه في مقالات قادمة إن شاء الله.
وقبل الختام ساورد ما ذكره الرحالة الشهير ابن بطوطة في رحلته الشهيرة من وصف لعدن وأهلها والذي زار عدن قبل 750 سنة يقول ابن بطوطة : (ثم سافرت منها إلى مدينة عدن، مرسى بلاد اليمن على ساحل البحر الأعظم والجبال تحف بها ولا مدخل إليها إلا من جانب واحد وهي مدينة كبيرة ولا زرع بها ولا شجر ولا ماء وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر وهي شديدة الحر وهي مرسى أهل الهند تأتي إليها المراكب العظيمة من مدن الهند وتجار الهند ساكنون بها وتجار مصر أيضاً ونزلت في عدن بضيافة القاضي سالم بن عبد الله الهندي كما أضافني بها تاجر يدعى ناصر الدين الفأري فكان يحضر طعامه أكثر من عشرين من التجار كل ليلة وأهل عدن أهل تواضع ودين وصلاح ومكارم الأخلاق وهم يحسنون إلى الغريب ويؤثرون الفقير).
وهذه شهادة تاريخية يؤكدها الواقع وقد كتب عن عدن وجمالها الرحالة والمؤرخون من الشرق والغرب وتغنى بعها المغنون والمنشدون فهي درة اليمن وثغرها الباسم ولكننا نريد لعدن أن تكتب في صفحة الحاضر أجمل واقع عامر بالأمن والسكينة والاستقرار وتسطر في صفحة المستقبل المشرق أروع إنجازات التنمية والازدهار .
إنها تحية محب أضناه الشوق إلى عدن وأهلها وقد تجدونه قريبا في عدن..