قبل أن نتحدث عن الحصانة لا بد أن يعلم الجميع أن هناك مسارين لتحقيق التغيير والإصلاح في اليمن، هما: المسار السياسي وهو المسار الذي سبق الثورة منذ سنوات، والمسار الثوري والذي جاء ضمن ما يسمى بالربيع العربي.. وهو بالنظرة الشرعية أمر قدري كوني لإنهاء حقبة حكم جبري أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فبدأت من تونس التي لم يكن يتوقع أحد أن البداية من هناك ومن ثم مصر وليبيا وبقية الأقطار سينالها الربيع أو أثره وقد انتهت الثورات العربية بنماذج مختلفة لا داعي لشرحها.. ويبدو أن النموذج اليمني سيكون مختلفاً نوعاً ما، لكن الهدف سيتحقق، حيث أن المسار السياسي كان متوازياً مع المسار الثوري ولظروف إقليمية ودولية وأيضاً داخلية مجتمعية كان للحل السياسي فرصته عبر المبادرة الخليجية وهي التي وقعت عليها المعارضة ممثلة بالمجلس الوطني وبقايا الحزب الحاكم.. وهذه المبادرة المشفوعة بغطاءٍ دولي وأممي نظر إليها السياسيون كوسيلة لتحقيق أهداف الثورة بأقل الكلفة من منطلق دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى، لما تحويه من موضوع الحصانة كمفسدة صغرى إذا نتج عنها تحقيق أهداف الثورة وهذا ما نرجوه، ولا أعني بالحصانة ما جاء بالنص من الحزب الحاكم، بل أعني ذلك النص الذي نصت عليه الآلية التنفيذية للمبادرة شريطة أن ينسحب المحصن من الملاحقة القضائية من العمل السياسي والوظيفة العامة وأن تكون هذه الحصانة ملزمة للأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وأن يشمل هذا القانون معالجة حق الشهداء والجرحى ولا يلغي أي حق من حقوق الذين شملهم الضرر وهذا ما سنجتهد ونسعى له في مجلس النواب.. وإذا لم يتضمن مثل هكذا مبادئ أظن أنه لن يمرر وقد ربما يرفع إلى نائب الرئيس ورئيس الوزراء بموجب الآلية التنفيذية، وكذلك من باب العدل أن لا يكون هذا القانون سبباً في تعطيل المبادرة الخليجية وأنا هنا احترم كل من يعترض على مثل هذه الحصانة، فهو يبحث عن الأفضل ونحن نتحدث عن الممكن الآني وأظن أن أغلبية الشعب اليمني يؤيد هذه المبادرة كمخرج سليم يحقق أهداف الثورة بأقل كلفة.. ومن خلال إطلاعي واحتكاكي بأغلبية النواب، فهم مقتنعون ولكنهم يرهبون الضجيج الإعلامي والذي أتمنى أن يساهم الإعلام في إنجاح هذه المبادرة، بل وأن يفضح كل من يسعى لعرقلتها ممن يستعذبون رؤية الدماء ومشاهد الخراب وقد رأيناهم يسعون جاهدين، مرة يتمنون أن نكون سبباً في رفض المبادرة.. وتارة بعرقلتهم تنفيذ الآلية التنفيذية حتى لا يصلوا إلى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، فهي الكابوس الذي يؤرقهم، ولهؤلاء نقول: لن نكون سبباً في تعطيل المبادرة أو عدم إنجاح الثورة.. وفي الأخير أعني بالحصانة هي التي ينتج عنها تحصين الوطن من مزيد من الدماء والخراب.. والله الموفق.
محمد الحزمي
لماذا الحصانة ؟ 2111