لقد تفننت الأنظمة العربية في سياساتها المتعددة تجاه شعوبها بدءاً بسياسة التجهيل التي استخدمتها الأنظمة اللقيطة, وأعني باللقيطة تلك التي أسستها المخابرات البريطانية وباقي القوى الصهيونية المحتلة أثناء اتفاقية "سايكس بيكو" المشؤمة فهي أنظمة غريبة على قيمنا وعقيدتنا وهي كارثة على مروءتنا التي توارثتها الأمة جيلاً بعد جيل, بدأت كما ذكرت بسياسة التجهيل عندما استبدلت المناهج الدراسية القيمة بمناهج جديدة تتماشى مع أهواء الاحتلال الصهيوني بعد أن كانت تلك المناهج الدراسية عظيمة، تحتضن في طياتها مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد صلى الله عليه واله وسلم، فأخرجت جيلاً فتح بأخلاقه مشارق الأرض ومغاربها, أصبحت اليوم المناهج الدراسية عبارة عن مهزلة أخرجت لنا أجيالاً تتخبط في مستنقعات الجهالة والتخلف ولا تفقه من العلم إلا ما يجعلها منقادة كالشاة إلى من أراد ذبحها أجيالاً، لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً إلا ما أشربت من أنظمتها الحاكمة إلا ما رحم ربي.
فبعد أن أيقنت الأنظمة الخبيثة أنها قد حققت الهدف الأول من سياسة الإذلال المملاة عليها وهو أهم هدف في حياة الأمة ألا وهو أقصاء الدين عن الحكم الذي به كانت تنعم وبعدله تسود وبسماحته كانت تنتصر وتعلو فوق الأمم. وهنا بدأت الأنظمة الحاكمة بتوجيه من القوى الصهيونية المحتلة بسياسة اقتلاع المروءة وانتزاع الأصالة شيئاً فشيئاً مستخدمة أساليب الترهيب والترغيب, فالترهيب لذوي الضعف الاجتماعي وفقدان المنع القبلي والترغيب لذوي الجاه الاجتماعي والشرف القبلي حتى سادت سياسة الإذلال اللاقمعي وأعني بذلك الإذلال عبر التقتير على الأمة في مواردها وهنا سياسة الإفقار المنظمة تبدأ لتجعل الفرد المسلم عبارة عن آلة لا تفكر إلا بما تؤمر به، فأصبح الإنسان لا يفكر إلا في بطنه وحاجات ذويه فتقطعت أواصر المحبة والمروءة بين أفراد المجتمع وضاعت القيم الإنسانية
التي توارثتها الأمة كابراً عن كابر مثل حقوق الجار وإغاثة اللهفان وإعانة المسكين وذي الحاجة وإعادة المريض.
تلك السياسات الخبيثة جعلت الأمة متباعدة الحدود والأوطان حتى ولو كانت في وطن واحد والله المستعان, فذلت تلك السياسات الأمة حتى أصبح أهل اليمن اليوم يرضون بإضاءة الكهرباء لمدة ساعة في كل أربع وعشرين ساعة ويرون أنها كل الحقوق المطلوبة وذلك لأن النظام كان يقطع الكهرباء كل يوم ساعة فصاح الشعب ثم زاد الانقطاع أربع ساعات فصاح الشعب ثم عاد الانقطاع الأول الذي هو ساعة واحدة فسكت الشعب على انقطاع ساعة واحد مخافة أن يزداد الانقطاع وهكذا حتى أصبحنا اليوم نكتفي بالساعة مخافة أن تصبح الكهرباء من الماضي، فهل يا ترى اليوم وبعد الثورة المباركة سيكتفي الشعب بتلك المهزلة المستمرة وهل سيطالبون بكامل حقوقهم أم أنها مازالت السياسة مستمرة؟
سلام سالم أبوجاهل
سياسة الإذلال 2184