ما دام الإبداعُ أكثر مراحل التفكير تقدماً فحاول إذاً أن يكون تفكيرك راقياً حيادياً متسامياً ومتصالحاً مع واقعك إلى أقصى درجات التصالح والسلام النفسي والفكري.. الإبداع يُبنى على مساحة جيدة من القيم والمبادئ والمعتقدات الهادفة للتأثير على البشرية والبقاء بسطوع تام على مدى تاريخها الأممي وميراثها الثقافي وتراثها الحضاري المختلف طبيعة وانتقاء من مجتمع إلى مجتمع ومن أمة إلى أخرى.
عليك أن تستوعب الواقع وتستقطب أبعاده ولا تبتعد عن مراكزه ونقاط تحوله، وعليك أيضاً أن تكون فضفاضاً لاستيعاب ثقافة الآخرين حتى لا ترتدي على أفكارك عباءة الذات النرجسية ولا تصطبغ حواسك بالأنا المتعالية على وجود الآخرين، إنما يجب أن تحدث طفرة التسامي الموجبة التي تبقيك مترفعاً على رغبة الذوبان في الآخر والبقاء بقالبٍ عقلي جسدي روحي فارغ من المضمون.
لا تترك لخطوط الطول في حياتك أن تنسيك آدميتك ولا تسمح لدوائر العرض فيها أن تحبس حريتك، لأن الإنسان يعيش ساعاته المعدودة في هذه الحياة على ضفة الأمل وشاطئ العمل، فلا تبخل على نفسك برحلة غوص روحية تستكشف فيها ذاتك حتى تستطيع أن تعبر حدود اللحظة وتتخطى حواجز الزمن الذي تخشى أن يقيدك بأغلال السكون.
إبحث عن الآخر الذي يكملك، فلكلٍ منا نصفهُ المفقود في كتاب الغيب، لكن حين تجد ذلك الآخر الذي يكمل زواياك الناقصة حاول أن لا تستخدمه كخلفية تظهر عيوب نفسك أو قاعدة لا تستوعب خطواتك أو غمه تُلغي قراراتك وعليك دائماً أن تبقي عينيك على شوكة الميزان فالعدل أساس الملك!.
تكلم بكل اللغات وعبّر عن نفسك بكل الأساليب ولون حياتك بكل الألوان الأساسية منها والفرعية وتلك التي تتكون حين تندمج ألوان الحزن والفرح في قالبٍ واحد، وبما أن الإنسان ابن مجتمعه فلا تبقى في منآى عن الحدث، بل يجب أن تعيش تفاصيل اللحظات التي صنعت منك هكذا إنساناً بهكذا سلوك.
لا تترك لسواك فرصة اقتناص الحظ الذي انتظرت طويلاً قدومه إليك ولا تيأس حين يكون ذلك الحظ أدنى مما كنت تحلم أو تأمل أو نرى بكثير، فالذي يجب أن تعلمه أن الحظ قد يأتي مرة واحدة لكنهُ لا يأتي دفعة واحدة.
استخدم خامات الإبداع من حولك فالحياة تعبر بالإبداع، لكن نادراً ما تجد من البشر من يجيد فن اكتشاف الواقع بكل ما فيه، فالفقر قد يعلمك الإبداع من زاوية الجوع حتى تصبح فرشاة الحرمان عندك ملونة بروعة التعبير إلى أن تصل مرحلة القناعة، تلك المرحلة التي يصعب على الغني أن يصل إليها بينما قد تدركها أناملك أنت وعلى الأقٌل أنت ترى العالم بعيني قلبك لكن سواك من المترفين يرى العالم بعني جيبه، الحزن أيضاً قد يجعلك مبدعاً لأن مسرحية الألم التي عشت فصولها منحتك حصانة ضد استنزاف المشاعر الذي يخلّفه الوقوف على الأطلال.
وباختصار ولكي تكون مبدعاً عليك أن تبقي أبوابك مشرعة للجميع، لأن الأبواب المغلقة تبقي ما خلفها طي النسيان والنسيان سّمّ الإبداع وآفة التميز!.
ألطاف الأهدل
تعلم كيف تصبح مبدعاً في سطور! 2087