كما في كل شيء - ودائماً في كال حال - لا نتقن اختيار الشخص المناسب أو الشيء المناسب ليكون في مكانه اللآئق به ويستطيع تحقيق الغاية من وجوده والدور المطلوب منه، فبالإضافة إلى حالة القصور المادي والتربوي الذي تشكو منه مدارسنا يظهر بوضوح القصور الفني من شأنه أن يطور ويحسن مستوى التعليم والتلقي والإنتاج والإبداع بين صفوف طلابنا وطالباتنا، إذ لم نسمع قبل اليوم بمديرة مدرسة انشأت في مدرستها صفوفاً خاصة ودورية بحيث تشمل جميع طلاب المدرسة من شأن تلك الصفوف تعليم فنون الكتابة والخط والرسم واصول الإتكيت والتصوير الطبيعي الذي يركز على إظهار جمال الكون وتقديمه كوسيلة لمعرفة الخالق وحسن التعامل معه وحب الوصول إليه..
لم نسمع عن مديرة مدرسة حريصة على تخريج دفعة الثانوية العامة من البنات تحديداً بعد إجادتهن لفن الطهي وتربية الأطفال كمبادئ أولية وحسن إدارة المنزل مادياً وفق ميزانية أسرية عامة خاضعة لإشراف ربة البيت، هناك الكثير مما لم نسمع عنهُ وبين مدراء ومديرات المدارس كتعليم أسس الإسعافات الأولية والنهوض بمستوى الطلبة والطالبات اجتماعياً وسياسياً وعن طريق ربط مناهج التعليم بالواقع المعاش وكيف يمكن إثراء العملية التعليمية عبر هذا الواقع.. ولو فتحنا باب الاقتراحات لكان هناك الكثير مما يجعل التعليم عندنا قاصراً حد الضعف والتهالك وعدم القدرة على اتخاذ القرار وفوق هذا وذاك، جاء التعليم الخاص ليزيد الطين بله وأصبحت مخرجاته القاصرة على تعميم وتعميق اللغة الانجليزية على سائر المواد الأخرى واضحة جداً مع العلم أنها لم تعط اللغة الإنجليزية حقها الكامل والوافي كلغة عالمية متخصصة في ربط ثقافات العالم وتبادلها ولكن منطق المادة في هذه المملكة التعليمية هو المنطق الطاغي والغالب على إداراتها..
وعموماً فالهارب من التعليم الحكومي إلى التعليم الخاص كالمستجير من الرمضاء بالنار، عموماً مما ما يجب على مدراء ومديرات المدارس الخاصة ملاحظته والاهتمام به الكثير، لكن أحببت أن أركز هنا على جانب النقل وما ينبغي أن يكون عليه سائقو الباصات المدرسية من تعقل وصبر وتقديم مصلحة الطالب على أي مصلحة أخرى، إذ من الذين يفتقدون للخبرة في مجال التعامل مع الأطفال وهم أيضاً ممن يقودون باصاتهم بسرعة كبيرة لا تتناسب مع وجود أطفال بداخلها، أضف إلى ذلك تعاطيهم للسجائر بطريقة مقززة ومؤذية للأطفال واستخدامهم الألفاظ الخارجة عن حدود الأدب واللياقة كتفاعل حي مع مواقف الشارع أمام الأطفال وهنا قد يقول قائل إن غالبية الآباء يدمنون التدخين ويستخدمون نفس تلك الألفاظ النابية داخل المنزل، فأقول إن الطفل يتعلق بكل ما يخص المدرسة ويراه مثالاً ويمكن أن يقتدي بأي رمز من رموز المدرسة سواء كان معلماً أو معلمة أو سائق باص، لأن كل ما يخص المدرسة مقدس في ذهن الطالب، ثم ألا يجب أن نمنح هؤلاء الأطفال فرصة جيدة ولو كانت صغيرة الحجم والمضمون لوجود مجتمع مثالي ملتزم؟!
أنا لا أتحدث عن المستحيل، بل أعتقد أن بإمكان شخص منا أن يحصل على ما يريد وأن يكون مثالياً ومستقبلاً للخير ومانحاً له وفقط ببعض الصبر والتعقل والحكمة وحب الآخرين، وما دفعني للكتابة عن باص المدرسة وما يمكن أن يكون عليه السائق الجيد للأطفال، ذلك المشهد الذي رأيته من أحد سائقي الباصات التابع لمدرسة خاصة لها شهرتها الساحقة بين المدارس، حيث كان السائق في حالة تبلد وشرود، يشعل السجار بشراهة ولا يكاد ينتهي من الأولى حتى يشعل الأخرى متلفظاً على الأطفال بألفاظ شرسة ووقحة وفي نبرة صوته شيء من الرعب للأطفال مع تخصيصه لكل طفل بكنية غريبة مشيرة لغضب الأطفال وداعية لاستفزازهم.
فإذاً أمام إدارة المدارس الخاصة والأهلية مقترح بتحديد مستوى وسن شخصية والتزام سائقي الباصات الخاصة بها حتى لا نستمر في اجترار الفساد الذي ثرنا عليه ويكون باستطاعتنا أن نقول: لقد صنعنا ثورة تغيير حقيقة وناجحة..
ألطاف الأهدل
باص المدرسة والسائق العجيب! 2133