من الصعب جداً أن يستوعب المرء وجود قبور مشيدة فوق الأرض، لكن هذا موجود بالفعل في أكثر من مشفى حكومي وعلى رأس هذه المشافي هيئة مستشفى الثورة العام الذي يقبر بداخله أرواح وأعضاء المرضى لأسباب عديدة قد يكون أولها عدم الكفاءة الطبية وقد لا يكون آخرها تحول مهنة الطب إلى مهنة تجارية بحتة لا تحمل أي مضمون إنساني..
هيئة مستشفى الثورة بتعز لا تسير وفق آلية العمل المتبعة في نظيرتها بصنعاء وكأن أطباء وعمال ومرضى تعز لا يزالون يعانون من سياسة العقاب الجماعي التي تبكي لها الحالمة دماً بدلاً من الدموع.
سياسة التدوير الوظيفي لا زالت تطال الصغار فقط وتتغاضى عن الكبار الذين يقفون خلف جيوش الفساد المقصود حتى لا تتعطل مصالحهم ولا يتوقف سيل الأموال الحرام التي يجنونها من شجرة الفساد دون أن يعلموا أنهم لا يأكلون في بطونهم إلا نارا..
فمن متعاقدون معلقون بين سماء المهنة وأرض الظروف الاقتصادية الصعبة والذين لم يحظوا بعد بلفته حكومية كريمة تثبتهم على صفحة التوظيف رسمياً، إلى حوافز ومكافآت يحصل عليها البعض ويسقط خيرها عن الباقين، إلى شركة نظافة تستخدم الأطفال في عمالة محلية مجحفة وكأن حقوق الإنسان الأسود مجرد حلم أبيض لا يمكن تحقيقه، إلى نفقات تشغيلية غير منظمة وغير متوازنة، إلى أجهزة كشف واختبار معطلة ومهملة وكأن هذا المريض الفقير من عامة الشعب ليس من حقه ان ينال الرعاية الطبية المتكاملة تحت عناية حكومية صارمة تعلم تماماً أين تضع حقائبها الوزارية.. عمال وموظفو ومنتسبو هذا المستشفى الحيوي يعانون بصمت مرارة الظلم والبطش الذي فرضته داخل الهيئة أيادٍ ملطخة باللامسؤولية واللاإقتدار واللاوظيفية، فمن الذي لا زال يرعى الفساد بكل ألوانه وأشكاله بعد ثورة سلمية لم تقم إلا لتحارب هذا الفساد؟! ولماذا العجز الإداري عن إصلاح ذلك الخلل الذي يعوق عملية الاستشفاء والاستطباب داخل مرفق حكومي مثل هيئة مستشفى الثورة - تعز؟! ولماذا تمر سنوات طويلة حتى يستطيع العامل من هؤلاء استنطاق جدار العمل الذي بُني ليحمي حق العامل مهما كانت درجته أو رتبته الوظيفية؟ وما دام الحق غائباً والقانون عاجزاً عن أداء مهامه والفساد مستشرٍ داخل هيئاتنا ودوائرنا ومكاتبنا الحكومية، ما الجدوى إذاً من ثورة تدوير وظيفي أبقت الوزير وزيراً والغفير غفيراً ولم تفلح في إعطاء الحق لأهله؟!.
في الحقيقة نحن بحاجة إلى لجان تقييم تدلف كل مكاتب ودوائر الدولة، تقيل وتنصب من تراه مستحقاً للإقالة أو التنصيب، أما أن نتحدث بألسنتنا بما ليس في قلوبنا فسنبقى منافقين في الدرك الأسفل من نار الدنيا وجحيم الآخرة!.
ألطاف الأهدل
هيئة مستشفى الثورة تعز.. الفساد على أصوله! 2514