صدّقوني يستطيع حزب الإصلاح أن يبيع لنا الوهم المناسب في الوقت المناسب، أما نحن، كمدمني وهم أزلّيين، فسنشتري منه الكميات الضارّة عادة، لقد سبق أن باعنا المسخ، الذي تحول مؤخراً إلى زعيم بثلاث غمازات وإريال، أسوأ أنواع الوهم وأقلها وزناً.. أما راهناً فقد اشترينا من شبّاك حزب الإصلاح قصة شديدة اللزوجة تفتقر إلى أبسط عناصر السلامة، كحزام الأمان والخوذة، كان عنوانها المباشر: وزير الداخلية، فارس الإنتربول الدولي.. شخصياً، صفقتُ لهذا الاختيار الملح جدّا، وبطريقة كلاسيكية، تشبه خيالات العشاق الصوفيين، كتبت على سطح الماء: لقد تأخرتَ كثيراً عن الحبيبة، لكن لا بأس ها أنت تطل على مضاربها أخيراً فوق جوادك الأبيض.. طبعاً لم نرَ حتى الآن من جواده الأبيض سوى منديل أم كلثوم، يضعه سيادته بعناية فائقة في جيب جاكته.. أرجو أن لا نستغرق في الحديث عن "ما بعد المنديل" ففي الغالب لن نجد أموراً مهمّة تستحق الذكر.. لذلك، كما أتوقع، نستطيع أن نغلق القصة عند المنديل ونردد بطريقة أوتوماتيكية: هذا القطار ينتهي عند هذه المحطة، تفضلوا بالمغادرة.
قلت لأصدقائي ساعة الوهم الأكبر: لقد صنع هذا الرجل، قبل حوالي 15 عاماً، أعجوبة أمنية معقّدة، وعلى طريقة فيزيائي يوناني قديم- قلت لهم: إن سألتموني عنها فأنا لا أعرفها، لكن إذا لم تسألوني فأنا أعرفها جيداً.. وهكذا لم أتذكر من تلك الأعجوبة سوى ما كانت تسرده آلة الزمن التابعة للحزب العملاق: حزب الإصلاح.. نحن لا نهتم لصحّة خيالنا، ولا عقولنا، في الغالب نقاتل بشراسة لأجل إخراج الخيال عن القضبان، كان بورخيس، الكاتب الأشهر، يقول: الخيال هو أعظم ملَكة بشرية، يا إلهي، ملَكة!.. قبل أيام كان صديقي، وهو نجل لقائد أمني كبير يعمل لدى صالح، يحاول أن يتذكر هذه الكلمة، لكنه فشل بعد ثلاث محاولات، قال إنه سمع والده يقول إن "الغفوري" صاحب مُليكة، ومنذ تلك الساعة وهو يفكر في من عساها أن تكون مليكة تلك، ظل طوال الليل يعاني من وجع قلب وحشيّ، تحاصره جملته الخطرة "يا واد يا خلبوص، قلبي كان حاسس".. هذا ليس مزاحاً، فأنا أعلم أنكم لا تبحثون الآن عن المزاح في الصفحة الأخيرة، موعدنا بكرة.. نهاركم سعيد 24/06/2012م.
مروان الغفوري
صباح الفل ...... 2718