الجيش هو الهيكل المهيب على خشبة التضحيات الجسام وهو الضريح الذي يحمل أهله أرواحهم كإكليلٍ من الزهور والأمنيات وأجنحة الطيور والفراشات، الجيش هو السياج الذي يحمي الوطن والحصن الذي يؤمل عليه مسؤولية الأمن وهو الرمح والبندقية وبيت النبال وبعض ما فينا من الطمأنينة.. ولهذا كان انقسامه ثغرة وصل عن طريقها القرار القاتل إلى أحشاء الشعب، غير أنه اليوم ليس كما هو بالأمس، جيشنا اليمني اليوم لا يتبع أفراداً ولا يؤمن برموز سياسية لأنه يعي مسؤولية واحدة، فقط وهي حماية الوطن والحفاظ على أمن الشعب ومنجزاته التاريخية والجغرافية، هذه الشريحة الهامة من أبناء الوطن هي من تضع اليوم حجر الأساس ليمن جديد لا وصاية فيه لمؤسسة حكومية على أخرى مهما كانت ولا سيطرة فيه لمنبر سياسي على آخر لأن الكل سيكون سواسية أمام سلطة القانون الجديد.
نعم نطمح لقانون جديد يدمغ قراراته بالجدية والعدالة وتصويب مصلحة الوطن على كل ما عداها، ونأمل أن نصبح أمام دستور يراعي إنسانية المواطن اليمني ويحفظ حقوقه ويتبنى طموحاته، نريد أن تكون هناك فكرة موحده عن أهمية الانتقال الحكومي من دائرة المبادرات الخارجية إلى دائرة استشعار المسؤوليات الوطنية وتوجيهها، إن من أولى واجبات الحكومة خلال الفترة القادمة تحقيق استقلال الجيش وتنقية موارده البشرية وتسوية حقوقه المادية والنأي به عن البقاء في دائرة الخدمة العمياء، لأن الجيش يجب أن يبقى في خدمة الشعب فقط، لا نريد أن نشعر بذلك الخذلان الذي كنا نشعر به قبل فترةٍ وجيزة حين كانت هوة المواطنة قد وصلت حد العمالة والخيانة وبيع الثمين بالرخيص، وبما أننا لا نزال رهنية لفترة انتقالية سياسية لها مخرجاتها الأمنية والاجتماعية والثقافية إلى حدٍ معقول فمن الضروري أن تتحلى بالمرونة وسعة الأفق وتقديم الرأي السديد والمشورة النزيهة للارتقاء بتلك العقلية الجمعية التي أصبحت تشكل مصدر القرار بعد أزمة أخلاق وأعراف وقيم كادت أن تؤدي بهوية الأمة اليمنية، يجب أن تترسخ لدى أبناء المجتمع اليمني عقيدة الذاكرة الجمعية حتى لا ننسى ذلك الشتات الموسوم بالعنف والذي نشرته فرقة الكلمة والرأي والهدف، ومع هذا فقد كللتنا حماية الرحمن بالأمن رغم من رحل ورغم من بقي على حاله، والحقيقة أن الجيش الذي رابط في أبين وزنجبار وسواهما من محافظات الوطن المفتوحة على بؤر الشر والفتنة قد أدى دوره باقتدار معيداً صورته البراقة إلى ذاكرة الشعب بعد أن تغشتها سوداوية مؤقتة أصبحت بعدها هيكلة الجيش ضرورة حتمية حتى تتضح مهام هذه المؤسسة وتشتغل في تأدية واجبها الوطني على صناعة القرار لأن مهمة الجيش حماية الشعب من قرارات الأنظمة الجائرة وليس الوقوف كأداة في أيدي تلك الأنظمة.
وإذا فهيكلة الجيش لا تعني فقط استقلاليته عن سلطة النظام بل تعني أيضاً قدرته على انتزاع تلك السلطة في حين أثبتت عدم نجاحها في احتواء الشعوب.
تحية تقدير وإجلال لأولئك الذين رخصت أرواحهم بين أيديهم وهم يدحرون عنا اخطبوط القاعدة وتحية لكل من آمن منهم بقضية الوطن..
ألطاف الأهدل
ماذا نعني بهيكلة الجيش؟! 1789