كتب لطفي شطارة، الصحفي المعروف: فاتكم القطار يا هؤلاء.. كان يتحدث عن القيادات الجنوبية القديمة، التي تأمل في أن تعيد إنتاج نفسها خلفاً لنفسها في المستقبل، ذكرّهم شطارة بحقيقة بايو- تاريخية تقول: المستقبل ملك لأبنائه، فجأة أطل شطارة عبر "تيار المستقلين الجنوبيين" بقيادة الشاب عبد الله الأصنج، وهو رجل جنوبي لكنه أيضاً من دبع- حجرية.. في العام 1934م، يقول المؤرخون، ولد على ظهر كوكب الأرض خلق كثيرون، ويا للمصادفة! لقد كان الشاب الأصنج واحداً منهم، زين الشباب! يمكنك أيضاً إعادة صياغة اسمه لكي تتأكد من حقيقة أنه رجل من المستقبل. اسم الدلع: أبو الأصنج الدبعي، ربنا يحرسك لشبابك يا عفريت، إن شاء الله لما تكبر ناوي تخصص في إيه؟.
حذر الأصنج قبل أشهر من العبث بمستقبل الأجيال القادمة، وتمنى أن يترك الزمن القادم لأبنائه. ومما لم يقله أيضاً: إذ ليس من العدل أن يتحكم السبعينيون في صياغة حياة الذين لم يولدوا بعد.. الدستور الأميركي نص في ديباجته الأولى على مثل هذه الفكرة، جاء فيه: الحياة ملك فقط لأولئك الذين يعيشونها، ولا يجوز أن يتدخل فيها سكان القبور.. الأصنج الدبعي، كشاب بلا شك، واصل فقرات النأي بالنفس عن المستقبل. فهو يطالب بحق تقرير المصير، و"أمي حضرمية"، لا أدري ما هي العلاقة الإستراتيجية المذهلة التي تربط الموضوعين، كان نجيب قحطان الشعبي قد عبر عن ولهه الشديد بمحافظة أبين، في حملته الانتخابية، قال إن السبب تاريخي، ذلك أن الست الوالدة مرّت "وهي حبلى بي في هذه المحافظة"، ألم أقل لكم، نحن أمام جيل فكاهي للغاية، مليء بالنكتة والحيوية "قديم آه، بس مسلّي".
سيصاب فريق الاتصال بالحول، أنا القضية الجنوبية، لا معنى لأي اتفاق إذا لم أحدّه أنا من الجنوب، هكذا تقول ألف جهة، من المؤكد أنه أصبح لدينا جنوبات، وليس جنوباً واحداً وقضايا جنوبية تتناقض على نحو مستحيل.. قبل أيام قلتُ لواحد من أصدقائي، ناشط من مدينة عدن: في الجنوب فقط الماضي هو من يتحدث، يقترح، يشترط، يبشّر بنفسه، في لحظة زمنية لم يعد يربطها بالماضي أي خيط، أطفال المدارس، في عدن والمكلا، يجرّون هذه السفينة المعطّلة إلى المستقبل، لكنهم سرعان ما يصطدمون بجثة الشاب الدبعي ورفاقه الشباب ذوي المفاصل اليابسة! الجنوب مهدد بالتشظي أكثر من أي بقعة أخرى، أن يتفكك إلى ألوح خفيفة يسحبها الموج الخفيف ويلقيها في المحيط إلى الأبد، فالمُستقبليّون لا يسمح لهم بالحديث عن شؤونهم.. وفيما لو حدث ذلك، وتفككت الألواح، فإن الشاب الدبعي لن يخسر شيئاً ذا بال، فهو يعلم جيّداً أنه يستيقظ كل صباح على بوّابة القيامة، أما أولاده فلن يتسولوا الخبز في كريتر، بكل تأكيد.
مروان الغفوري
فاتكم القطار .... 2607