يبدو أن هوة الأزمة السياسية في الوطن – والتي أنتجتها الثورة السلمية- قد زادت حدتها وألقت بأفيائها في مرمى التكهنات السياسية والتحليلات المركبة لما ستؤول إليه الأمور، لاسيما المصير المجهول لمستقبل الحوار الوطني المنصوص عليه في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، حيث يبقى مصير الحوار الشغل الشاغل لدى المراقبين والسياسيين والمهتمين.. بيد أن لجنتي الاتصال والتواصل المكلفة بالحوار الوطني ما زالت تراوح مكانها بسبب المعوقات التي تواجهها، وأبرزها الشروط المسبقة للدخول في الحوار من قبل أطراف سياسية ومنظمات مدنية، حيث تصدرت شروط المعارضة الخارجية أبرز العقبات الكؤودة أمام لجنة الاتصال الرئاسية المتمثلة في القبول بالحوار بين دولتي الجنوب والشمال وهو ما تجلى للعيان من خلال الكلمة التي ألقاها الرئيس الأسبق علي ناصر محمد أمام لجنة الاتصال المنعقدة يوم السبت الماضي في القاهرة، حيث نوه الرجل من خلال كلامه إلى القبول بالحوار كحل للأزمة السياسية على أن تتصدر القضية الجنوبية أولى المهمات وحلها وفق ما يرتضيه أبناء الجنوب الذين لهم الحق في تقرير مصيرهم.
ووفق ما قاله محللون سياسيون أن معارضة الخارج رفعت سقف مطالبها بعد أن عرضت في وقت سابق الدخول في الحوار على أساس فيدرالي بين إقليمين وهو ما رفضه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، والذي قال في إحدى كلماته "كما أنه لا يوجد سقف للحوار لا يوجد شروط للحوار".. رئيس الجمهورية في خطابه نوه بأن الحوار الوطني لن يكون له سقف بعد أن جاء المقترح من قبل سياسيين في الوطن وهو أن يكون الحوار تحت سقف الوحدة وهو ما رفضته بعض الأطراف المعنية بالحوار وقالوا لا يمكن أن يكون هناك حوار مشروط مسبقاً وهو ما تجاوب معه رئيس الجمهورية رافضاً كل الشروط المسبقة في الحوار، الأمر الذي لم تلتزم به معارضة الخارج التي بدأت بالضربات الإستباقية من خلال الشروط المعثرة للخوض في الحوار..
وفيما يرى بعض السياسيين أن الوحدة لابد من أن تبقى كثابت وطني في عملية الحوار، إلا أن أطرافاً أخرى أكدت أن الوحدة ليست صنماً يُعبد، مستندة إلى القول بأن الوحدة كانت عبارة عن شراكة بين دولتين فبمجرد الالتفاف على هذه الشراكة بطلت شرعية الاتفاقية الوحدوية.
هؤلاء تناسوا أن أحد بنود الاتفاق في وثيقة عام 90م كانت تنص على إعادة تحقيق الوحدة، فكلمة "إعادة" تنم على أن الوحدة كانت ما قبل الدولتين – الجنوب والشمال- ولو رجع هؤلاء قليلاً إلى التاريخ لوجدوا بأن الملك "يمنت الثاني" كان يحكم المناطق الوسطى والجنوبية في اليمن والتي سميت على اسمه "اليمن" وهذا ما يؤكد على أن اليمن كانت موحدة سابقاً ولم يكن هناك يمن جنوب ويمن شمال، لذا كان لزاماً علينا التنويه إلى هؤلاء بأن يعيدوا النظر في رؤاهم الغير وطنية.. ومن عليه أن يقرر مصيره فليبحث له عن وطن يقرر فيه مصيره كيفما يشاء.. أما نحن فقد قرر التاريخ مصيرنا قبل أن يكونوا.. فاليمن مصيرنا والوحدة قوتنا وأبناء اليمن إخوة ما بقي الزمن.
صادق الصُليحي
الحوار سبيل النجاة 2125