صباح الفل.. فاز الإخوان المسلمون برئاسة الجمهورية الثالثة في مصر، كان السادات قد دشن جمهوريته الثانية، على خلاف جذري مع جمهورية ضباط يوليو، أما الإخوان الذين أصبحوا الآن في واجهة الجمهورية الثالثة، فهم أنفسهم إخوان الجمهورية الأولى، في منتصف السبعينات عادت الجماعة إلى النور من خلال طلبة الجامعة: عصام العريان، عبدالمنعم أبو الفتوح، إبراهيم الزعفراني.. يذكر أبو الفتوح في مذكراته كيف أنه سلم تنظيماً طلابياً ضارباً لقيادة الإخوان بعد أن أذن لهم السادات بالخروج لمواجهة خصومه الناصريين والماركسيين، لكن شيوخ الإخوان، الذين تسلموا من المؤسس الثاني "عبدالمنعم أبو الفتوح" القيادة، واصلوا نشاطهم من القبو، حيثُ صورة حسن البنا في الواجهة وإلى جوارِها مسوّدة ممهورة بتوقيعه: "دعوتنا في قلوب أربعة" تعود إلى مطلع الثلاثينات.. تلك كانت الهداية بالنسبة للإخوان: أصوات من القبو، وحكمةٌ من القبور، بصرف النظر عن تحولات الناس والزمان والأمكنة!.
عندما قرر أبو الفتوح، المؤسس الثاني للجيل الثاني والثالث من الإخوان المسلمين، ترشيح نفسه للرئاسة أصدر مكتب الإرشاد قراراً ب"إزالة" عضويته، يقول مثقفو الإخوان في مصر: لم يسبق أن استخدمت مفردة "إزالة" كما أنه ليس لها وجود في النظام الداخلي للجماعة، وعندما دخل مرسي جولة الإعادة خاطب الإخوان المسلمون أخاهم المُزَال "أبو الفتوح" بترويسة: المجاهد أبو الفتوح.. وعلى حد علمي، فهي أول جماعة إسلامية تقضي على مجاهد، ثم تبعثه من جديد بحسب الاحتياج.
وصل الإخوان المسلمون إلى رئاسة الجمهورية الثالثة – يتجاهل كثيرون الحقائق التاريخية، فيسمونها الجمهورية الثانية عبر مرسي.. قبل أربعة أيام وصفت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية الرئيس مرسي بعبارة: خطاباته مثيرة للشفقة، صوته جاف، وليس له حضور جارف، كانت ها آرتس تحاول جاهدةً أن تبحث عن عناصر القوة في شخصيته، فلجأت إلى طرح فرضية تقول إنه "ربما في المداولات الداخلية يعرف كيف يستخدم سحره الشخصي"، الذين يعرفون مرسي عن قرب يقولون إنه بلا سحر شخصي، كما أنه يحرص على أن يقدم نفسه كرجل دين.. في مصر، بحسب تقرير رسمي، يوجد 13 مليون عضو رسميّاً في الطرق الصوفية، أما عدد مشائخ الدين والقساوسة في مصر فأكثر من الحصر، لا تحتاج مصر، كما يبدو، إلى مزيد من مشائخ الدين، أي دين، في أول خطاب له، الذي استمر 25 دقيقة، استخدم الشيخ مرسي كلمة "الله" 19 مرّة، ولم يذكر الحريات المدنية بجملة واحدة.. هناك حقيقة أخرى، يبدو أن الملاحظين تجاوزوها بسرعة، تقول: في الواقع انهزم شفيق أكثر مما انتصر مرسي، وقبل خمسة أعوام كان مرسي، الرئيس المصري الجديد، يصكّ مطولات فكرية متينة تحاول جاهدة أن تسخر من حزب العدالة والتنمية التركي، في تلك الأثناء سخر مرسي من آردوغان وحزبه باستخدام أداته الكلاسيكية في نقد الدالة: لو أنهم إسلاميون، كما يزعمون، لكانوا الآن في السجون.. أما هو فقد أصبح رئيساً بعد ذلك.
موعدنا بكرة..
نهاركم سعيد.
مروان الغفوري
مرسي، الكارثة والطوق 3049