عندما تتصدر تعز أي مشهد سياسي أو اجتماعي أو غيره تسارع كثير من المحافظات لنهج نفس الخط الذي تنتهجه تعز، وهذا دلالة أكيدة على أن تعز تشكل رقماً غير عادي لدى بقية المحافظات وخاصة الساسة فيها وأصحاب الفكر وصناع القرار ومؤثري الرأي.
تعز دائماً تقدم نماذج من العمل المجتمعي الرائد الذي يظهر للآخرين مدى الوعي الثقافي والتنويري لدى أبنائها حتى وإن اختلفت مشاربهم وألوانهم وأفكارهم الأيدلوجية والفكرية، لكن في النهاية لاشك أن الجميع يتفقون على أن تعز نقط ة التقاء الجميع، لا تفرقهم ألوان السياسة ومصالحها.
ويتجلى ذلك الوفاق الحميمي بين أبناء تعز في المبادرة التي دعت إليها عدد من منظمات المجتمع المدني بهدف تشكيل تحالف مدني من اجل تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث 2011م في اليمن، تلك المنظمات والمؤسسات المهتمة بقضايا حقوق الإنسان وبقضايا المواطنة المتساوية رأت أن هناك إخلالاً بالمبادرة الخليجية وأن هناك من يريد أن يخرجها عن هدفها ونصوصها الواضحة، وكذلك محاولة جر البلاد لمزيد من المآسي في حال ظلت قلة من بقايا النظام تعبث بأمن واستقرار البلاد بتلك الأساليب التي توحي ان إعطاء الحصانة للمخلوع صالح لم تكن عملية موفقة، كون من منح الحصانة لازال يلعب على كل الاتجاهات ويغذي الصراع السياسي ويعمق بؤر الخلافات بين أبناء اليمن بما يفتعله من أزمات ومشاكل وقلاقل هنا وهناك سواء بتوجيه مباشر أو غير مباشر من خلال أطراف لا يزالون ينظرون له أنه زعيم ورئيس "لهم".
وحتى لا تضيع حقوق الآخرين ولا تذهب دماء الشهداء ومن سقطوا منذ تفجير الصورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن هدراً فقد كان التوجه ومن منطلق بنود المبادرة الخليجية أن تشكل لجنة للتحقيق في كافة الأحداث التي شهدتها اليمن عام 2011م، ولأن هذه النقطة يتعامل معها "البعض " وهم "المستفيدون" من بقاء الوضع "مغلي " على الآخر في اليمن ويسعون لعدم نجاح كافة بنود المبادرة فقد تداعت تلك الأسماء من منظمات المجتمع المدني إلى تشكيل التحالف المدني والعمل للضغط على حكومة الوفاق بسرعة تشكيل اللجنة المعنية بالتحقيق في كافة أحداث 2011م دون تردد أو تأخير.
وهذا التحالف اليوم سيشكل نقطة تحول غير عادية في مسيرة الثورة وتحقيق أهدافها، كون التحالف لن يتوقف عند نقطة واحدة رغم التحديات والمعوقات التي يتوقع المشكلون له أن يواجهوها لكنهم مصرون على السير قدماً في تحقيق أهداف الثورة كما يريدها الثوار لا كما يريدها الساسة.
والتحالف لم ينغلق على نفسه أو يطلي نفسه بلون أو صبغة، معينة فهو يجمع الجميع تحت عباءة اليمن الكبير ويرحب بكافة منظمات المجتمع المدني للانضمام إليه حتى تتعمق الوحدة الوطنية بين أبناء اليمن الواحد.
ومن يتهم التحالف بتهم مفبركة هو لا يخدم الثورة بقدر ما يخدم بقايا النظام التي لا تريد لأي دعوة أن تتحقق على أرض الواقع من أجل تحقيق أهداف الثورة وإنجاح المبادرة الخليجية بكافة بنودها وكذلك إنجاز كافة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فيما يتعلق بالشأن اليمني وما صدر عن المفوضية السامية للاتحاد الأوروبي من بيانات تدعو إلى إنجاح المبادرة.
تعز اليوم قبلة كافة الساسة والمهتمين عما سيحققه التحالف المدني من نجاحات على أرض الواقع حتى يتحرك الجميع ويسيروا في نفس السفينة.
عبدالهادي ناجي علي
تعز قبلة الساسة.. 2268