ها هو رمضان يرحل عنا كما يرحل كل عامٍ تاركاً قلوبنا بيضاء ونوايانا صادقة كما يفعل دائماً، لكن السؤال الذي لا بد أن نملك له إجابة شافية ومقنعة: هل سنبقى كما نحن حتى يأتي علينا رمضان آخر؟!.
في الحقيقة نسأل الله ذلك، لكن علينا أن نعرف جيداً أن هذا الدرس الرباني الإنساني الشامل والنموذجي جاء ويجيئ كل عامٍ على مائدة الشريعة كمفتاح لأبواب مغلقة لا يمكن أن تفتح إلا بمفاتيح الصبر وحسن النية والعطاء وتحقيق رؤية التكافل الاجتماعي كما صورها القرآن بالحرف الواحد، ومن فاته إدراك الغاية السامية من هذا الدرس وغفل عن إدراكها متعمداً فقد خسر الكثير ولا شك، لأن رمضان يجدد عقيدة الإنسان ويدعمها ويرفدها بالسكينة والثبات ويمنحها وقود الاستمرار على وتيرةٍ واحدة حتى يأتي عام آخر قد يدركه المرء وقد لا يدركه.
وعندها يكون قد استغل هذه الفرصة استغلالاً حسنا ووسع لنفسه في قبره ورفع مرتبة أعماله وأثقل ميزانه بما يُرضي عنه ربه.
رحل رمضان لكن نوايانا وعزائمنا وقوة إدراكنا لأهدافنا لم ترحل وسيكون هذا العام مذيلاً بإرادات جبارة لبناء هذا الوطن تبدأ بالسعي الحثيث لتحقيق أمنه واستقراره وتطوره وإزدهاره عبر برامج ومشاريع وطنية مدروسة على أيدي رجالات هذا الوطن المخلصين الذين يحملون على عواتقهم هم الوصول بالشعب اليمني إلى منصة الدولة المدنية، ملتفين حول مشروعهم الحضاري الجديد وسامقين إلى وطن واحد مهما تجزأت مفرداته السياسية وتباينت أنماطه الديموقراطية واختلفت قراءته للواقع وفق منهجات تاريخية معينة فالمهم في نهاية المطاف أن تتشابك الأيدي مجتمعة على قرار واحد مهما كلفها ذلك من تنازلاتٍ مادية وعرقية وقبلية فالهدف وطن والغاية قرار شعبي موحد والإرادة أمن وأمان واستقرار شامل.
ولا أجد بدأ من الإشارة إلى ميثاق الشرف الوطني الذي أعلن عنه الأخ المحافظ في مؤتمر تعز المحلي الأول والذي أقيم على قاعة فندق السعيد في الرابع والعشرين من شهر رمضان والموافق للثاني عشر من أغسطس للعام ألفين وأثنا عشر للميلاد والذي احتوى مضامين وطنية عميقة ومفاهيم إنسانية راقية عسكت رغبته ورغبة الكثيرين من الأوفياء في المحافظة في ضرورة وضع حلول جذرية لما يعانيه الناس هنا من قلق وتوجس وحذر من حالات العنف المتعمدة والتي لازالت تلعب دور الرهان الخاسر أمام إدراة الجميع وطموحهم اللامحدود في السيطرة على الوضع الراهن وإشهار محافظة تعز محافظة نموذجية تحتذي بها كافة المحافظات في أرجاء الوطن.
كما أجد من الضروري أن أشير إلى مادة المثياق المرجعية التي تضمنت مبادئ وثوابت قيمية يتعاقد عليها أبناء تعز في وقت عصيب مهما كانت توجها تهم ومكوناتهم السياسية وشرائحهم الاجتماعية من أجل بناء محافظة تنموية ومدينة مستقرة كما تضمنت ذلك مقدمة الميثاق، كما تضمنت مادية الأساسية المكونة من أربعة عشر مطلباً ضرورياً للخروج برؤية وطنية واحدة تهدف بشكل أساسي إلى إحلال الأمن والأمان في إرجاء المحافظة وتسعى لتغيير البنية الخدمية المقدمة للمواطن والخروج ببنية خدمية جديدة خالية من مظاهر الفساد صغيرها وكبيرها معتبرة أن الخروج عن مادة الميثاق والمحاولة للعودة بالوطن إلى مربع الفتنة والعنف والاقتتال يعد خرقاً بالميثاق وتجاوزاً لمادته القانونية وخيانة وطنية تستحق أن يلتف حولها الجميع في موقف وطني واحد لردع الخارجين عن المصلحة العامة وزجرهم أو اعتبارها خصوماً ومجرمين هم ومن يأويهم أو يحميهم أو يتستر عليهم اعترافاً بالجميل لمن قدموا أرواحهم رخصية في سبيل إحقاق الحرية والتغيير كميدأين أساسيين في بناء المجتمعات، كما لم تتجاهل الوثيقة دعوة السلطة السياسية الحكومية إلى الإسراع بتشكيل لجان التحقيق الوطنية التي تختص بموضوع انتهاكات حقوق الإنسان والمبادرة الخليجية بآليتها التنفيذية والتدقيق بتلك الجرائم المرتكبة واعتبار هذا هو الوسيلة المثلى لمعالجة كل تلك الآلام في الفترة البائسة من تاريخ المحافظة وباقي محافظات الوطن، ونشدت الوثيقة في ختامها الرفعة لتعز والسلام لمدنها وريفها والتنمية والوئام لأبنائها والأمن لمناخها والتنمية مدخلاً لحياة كريمة لسكانها.
ألطاف الأهدل
تعز توقع قريباً ميثاقها الوطني 2149