;
د. عادل عامر
د. عادل عامر

حق اليتم في مال الله 2207

2012-09-20 03:09:40


اليتم هو انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه، قال الراغب:وفي سائر الحيوان من قبل أمه، وكل منفرد يتيم، يقال: 'درة يتيمة' تنبيهاً على انه انقطع مادتها التي خرجت منها، وقيل 'بيت يتيم تشبيها بالدرة اليتيمة، وقيل: اليتيم:من فقد أباه قبل أن يبلغ، وأما اللطيم: فهو من فقد أمه، وأما القطيع:فهو من فقدهما معاً.وقد أولى القرآن الكريم اليتيم عناية خاصة، ووضع الأسس الواضحة والقواعد القاطعة، والحدود الصارمة لحسن رعايته، والاهتمام به، والحفاظ على حقوقه العشرة حتى يبلغ سن الرشد، وهي:
 (1) حرمة المال:يقول تعالي: 'وأتوا اليتامي أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب' *** النساء:2، ويقول تعالي: 'إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً، إنما يأكلون في بطونهم نارا" *** النساء: 10، ويقول تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" الأنعام:
 (2)، حرمة القهر:: هو الغلبة مع عدم القدرة على الانتصار للحق أو الأخذ على يد المعتدي، يقول تعالي: 'فأما اليتيم فلا تقهر" الضحى: 9
 ( 3) حق الإكرام: الكرم: هو الإعطاء بسهولة، دون عوض مادي أو معنوي، والكرم إذا كان بالمال فهو الجود، وان كان بكف ضرر مع القدرة عليه فهو العفو، وان كان ببذل النفس فهو الشجاعة، يقول تعالي: 'كلا بل لا تكرمون اليتيم" الفجر: 17
 (4) حرمة الدع (الدفع):الدع: الدفع بجفاء وعنف، يقول تعالي: 'أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم" الماعون:2،3
 (5) حق الإطعام: يقول تعالي: 'ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا" الإنسان: 8، ويقول تعالي: "أو إطعام في يوم ذي مسبغة. يتيما ذا مقربة" البلد: 15، 16
 (6) حق الإيواء يقول تعالي: 'ألم يجدك يتيماً فأوى" الضحى:6
 (7) حق حفظ الميراث حتى بلوغ سن الرشد:يقول تعالى: 'وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا' فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" الكهف : 82
حق الإحسان: الإحسان: لغة فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير، والإحسان أعم من الإنعام، والإحسان فوق العدل وذاك أن العدل أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله، أما الإحسان فإنه يعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقل ماله، فتحري العدل واجب، وتحري الإحسان ثواب وتطوع، والإحسان في الشريعة: 'أن تعبد الله كأنك تراه' حديث نبوي شريف (صحيح) يقول تعالي: 'وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى" البقرة: 83، ويقول تعالي: 'وآتي المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين" البقرة: 177، ويقول تعالي: 'قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين" البقرة: 215
 (9) حق القسط:بكسر القاف وسكون السين، هو العدل، والقسط لضم القاف هو الجور، يقول تعالى: "وان تقوموا لليتامى بالقسط"النساء: 127
 (10) الحق في الفيء: الفيء: لغة الرجوع، وعند الفقهاء: هو ما يحل أخذه من أموال الكفار، بلا قتال، كالخراج والجزية، وهو لكافة المسلمين، ولا يخمس، وأما المأخوذ بقتال فيسمي: الغنيمة: والبعض يطلق الفيء علي كل ما أخذه الإمام (الخليفة) من أموال الكفار، غنيمة أو جزية أو إخراجاً أو مال صلح، والفيء في الاصطلاح هو ما يوضع في بيت المسلمين، يقول تعالي: 'ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل "الحشر: 7 _
ذكر سبحانه وتعالى أن من البر إنفاق المال وهو محب له وراغب فيه، ونص على ذلك ابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهما من السلف والخلف، كما ثبث في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر". وقال عبدالرزاق أيضاً: أنبأنا معمر بن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتم بعد حلم" .
ولعل أبرز دليل على مكانة اليتيم في الدين الإسلامي مشيئة الله سبحانه أن ينشأ المصطفى عليه الصلاة والسلام يتيماً، فقد أباه، ثم فقد أمه، فجده، وليس هذا من قبيل الصدفة، فلا يوجد شيء في كونه تعالى إلا بقدر قال تعالى: "إنا كل شيء خلقناه بقدر".
"شاء الله أن ينشأ المصطفى يتيما يتولاه الله وحده بالعناية والرعاية حتى لا ينشأ المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: أبي، أبي وإنما يقول: ربي، ربي".
فمنَّ الله عليه، وأقسم بالضحى والليل إذا سجى، أنه ما ودع حبيب صلى الله عليه وسلم وما هجره.
لقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يتيماً فآواه الله، وأحاطه بعنايته ورعايته، قال تعالى: "ألم يجدك يتيماً فأوى ووجد ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى، فأما اليتيم فلا تقهر".
"أي كنت فقيرا فأغنى الله نفسك بالقناعة والرضا، ثم منَّ عليك بالرزق الحلال الطيب الواسع، وبعد هذا التكريم الإلهي لرسوله صلى الله عليه وسلم، يأتي التوجيه الرباني إليه بحثه على أمرين: النهي عن قهر اليتيم وعن زجر السائل، لما لهما من أكبر الأثر في التعاطف والتعاون والتلاحم في المجتمع ولما فيهما من الشفقة على الضعفاء وذوي الحاجة.
كما نجد أن الله تعالى كرر ذلك في آيات قرآنية أخرى:
 - قال تعالى: "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطونهم فإخوانكم".
- وقال تعالى: " فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة...." .
أما في السنة النبوية، فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى عناية بالغة باليتم من خلال أفعاله وأحاديثه الشريفة الغريزة سنذكر بعضها تفادياً للتكرار، حيث سوف نتطرق إليها من خلال ذكر حقوق اليتيم، والإستدلال بها، إضافة إلى الآيات القرآنية.
حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا مالك عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر".
والمراد بالساعي الكاسب لهما لمؤونتهما.
في سنن النسائي من حديث أبي شريح خويلة بن عمر الخزاعي رضي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني أخرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة..." . من المقاصد الشريعة حفظ النفس والنهي عن القتل، وبهذا دعى الوالدين إلى الحفاظ على نفس أبنائهم، سواء أثناء فترة الحمل، بدعوة الأم عدم تعريضه الجنين للهلاك بالابتعاد عن كل ما يهدد سلامته، من سوء تغذية أو التعاطي للمخدرات أو غيرها وذهب الحنفية إلى أن أقصاها سنتان، فأما المالكية والشافعية.....أن أقصاها أربع سنوات. وهناك أقوال كثيرة لا تستند إلى دليل قوي، بل كان الباعث عليها هو الاحتياط في ثبوت النسب وعدم إهداره، وبعد تقدم العلم والطب، فإن المسائل المتروكة بدون تقدير يرجع فيها إلى رأي أهل الخبرة والطب الذي يكون المرجع في تقدير أن الولد لا يمكث في بطن أمه أكثر من سنة. تتجلى حقوق الطفل عند ولادته بالتهنئة والبشارة بالمولود، قال الله سبحانه وتعالى: "يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى، لم نجعل له من قبل سميا" كما يستحب الأذان في أذن المولود اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى، تأسياً بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، لما روى أبو داود والترمذي عن أبي رافع قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة". وروى البيهقي وابن النسبي عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، لم تضره أم الصبيان".
كاتب مصري دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد