التقيت مجموعة من القاضيات في حفل دُعيت إليه، ولم أكن اعرف في بداية الأمر أنهن قاضيات وعندما عرفت بدأ فضولي الصحفي يعمل، فأنا أرغب بأن أعرف إجابات لأسئلة كثيرة تدور في رأسي وبالفعل انتهزت فرصة تواجدهن وسألت إحداهن وبطريقة لائقة عن سبب التأجيل للقضايا وعدم البت فيها وبسرعة؟!
اسمعوا ما كانت الإجابة، قالت لي لماذا دائماً يكون السؤال عن القضايا المتأخر فيها ويكون السؤال دائماً لصالح المواطن؟! لماذا لا يهتم أحد بالقضاة ومعاناة القضاة؟!
صحيح في تأخير وتأجيل وبعض التجاوزات تحصل في أروقة المحاكم والسبب في ذلك هي الأجواء الغير مساعدة لعمل القاضي.. قلت لها مثل ماذا؟! أجابت على الفور المفروض والمتعارف عليه في كل دول العالم أن القاضي يجب أن توفر له الدولة الراتب الذي يستطيع من خلاله شراء منزل وتوفر له وسيلة نقل، هذا مش عشان سواد عيون القضاة وإنما حتى تستطيع محاسبته إذا ما ارتكب أي خطأ حتى وإن كان بسيطاً، القاضي في اليمن لا تعطيه الدولة مستحقاته حتى السيارة لا تعطى إلا للبعض وفقاً للمحسوبية ولرؤساء المحاكم.
على سبيل المثال أنا وصديقاتي لا نملك سيارات وتقدمنا بمطالبات عديدة للوزراء السابقين، والآن أيضاً تقدمنا بطلب للوزير الحالي لعدم ورود أسماءنا ضمن كشف الصرف لوسيلة نقل لهذا العام لأنها شملت القضاة الذين شملتهم الحركة، وسوف يتم الصرف خلال شهر أكتوبر وإذا لم تتهيأ لنا الفرصة سوف ننتظر للأعوام القادمة، علماً بأن فترة خدمتي في القضاء أربعة وعشرين عاماً، هنا ساندتها قاضية أخرى قائلة: هناك قضاة مدة خدمتهم لا تتجاوز الست السنوات وتحصلوا على وسيلة نقل.
القاضي في اليمن غير مرتاح ويحمل هموماً في رأسه، وبالتالي هذا ما ينعكس على عمله، قلت بس قضايا الناس ما لها دخل في ذلك؟! أجابت على الفور البعض يصاب بالضجر من العمل، لأنه لا يتحصل على حقوقه ومطلوب منه تأدية عمله على أكمل وجه دون نقصان؟! والمسألة من الأخير مسألة ضمير.. وقلت يعني الدولة إذا لم توفر لكم كل متطلباتكم لن تعملوا بضمير؟! قالت: لا، إحنا من زمان مظلومون ومع ذلك نعمل، صدقيني إذا وفرت وزارة العدل لنا كل الوسائل التي تغني القاضي وتجنبه الوقوع الخطأ وسهلت له وسيلة العيش سيعمل الكل بجد، لأن الدولة لم تقصر معه وبالتالي سيكون على علم بأنه معرض للمحاسبة إذا ما بدر منه خطأ بسيطاً حتى مسألة الحضور و الانصراف الكل سينضبط وسيلتزم ولكن.. عندها قاطعتها زميلة أخرى قائلة: أنا أعمل في التوثيق وعملنا في محاكم التوثيق مهم جداً ويتطلب الدقة والأمانة ونحن أحوالنا لا تسر وحقوقنا ضائعة ومع ذلك نعمل بكد وبأمانة أنا أتحدث عن نفسي وعن العاملين معي في نفس المحكمة "التوثيق"، أما في بقية المحاكم لا أعلم، ولكن لا أحد ينكر أن هناك الكثير من التجاوزات التي تحدث والسبب في ذلك الإغراءات المادية التي توقع البعض في الخطأ، حتى على مستوى المحاكم المختصة، الإغراءات المادية سبب لكل الفوضى التي تحدث هناك..
تمنيت أن يطول الوقت أكثر حتى أستطيع أن أحصل منهن على معلومات أكثر، ولكن وعدتني إحداهن أن تكتب لي كل التجاوزات الحاصلة وأسبابها وتمنيت أن أناشد وزير العدل بأن ينظر إلى حال القضاة وواقعهم المعاش وأن يعمل على تحقيق العدل والمساواة بين جميع القضاة.
وأنا بدوري أتمنى أن تقوم وزارة العدل بتحقيق مطالب القضاء حتى يتمكنوا من أداء عملهم على أكمل وجه ليكون لدينا قضاء عادل ونزيه بمعنى الكلمة.
كروان عبد الهادي الشرجبي
قضاء عادل ونزيه 2320