إن من المخاطر التي تهدد مسيرة ثورة 11 فبراير اليوم تلك التصرفات والسلوكيات التي يمارسها بعض "المتسلقين" وبعض "المتمصلحين"الذين وجدوا أن مصالحهم لم تعد مع ثوار 11 فبراير، فانقلبوا على الثورة وتحالفوا مع "الشيطان" حتى يحققوا مصالحهم الشخصية، بالأمس كنا قد صنعنا صنماً وظل 33 سنة يمارس معنا طقوس الزيف حتى ظننا أنه لا زعيم بعده، فلما تبينت الجماهير الحقيقة وعرف الشعب أنه كان يستغفل عبر أجهزة إعلام الشعب التي سخرها لترديد كل شيء باسمه، فكانت اليقظة التي أسقطته ورمته إلى غير رجعة، واليوم الأحداث تتوالى والمشاهد تتلاحق فذلك من كان بالأمس يدعي العداوة والبغضاء للنظام ولرئيسه السابق يتحول اليوم إلى أداة ينفذ من خلالها أجندة التحالف "العائلي " مع " حوثة" صعدة وهو مغرر به من قبلهم بألقاب مغرية له لكي ينسى ما كان عليه في الماضي، فمثل هذا المتخفي خلف لافتات "الحرية والعدالة والمساواة والمدنية " نسى أن المدنية التي ينشدها لا تعني تلك الأجساد المدججة بالسلاح تسير بعده وتحيط به من كل جهة فلو كان رجلاً مدنياً لسار مع الثورة كما يسير بقية الثوار العمالقة والكل يعرفهم فلا حراسة ولأهم يحزنون، ولو كان ثائراً حقيقياً لبقى مع الثوار والثورة بحلوها ومرها وليس كما يدعي اليوم ويتقول هو ومن غرر بهم ليكونوا له بوقاً يرددون آماله وطموحاته تحت مبررات حقيقية لكنه يريد بها باطلاً.
تصرفات تؤكد نوايا مبيتة لإفراغ الثورة من محتواها حتى تتحقق أهداف من يخدمهم هؤلاء النفر الذين يناهضون الثورة علناً ويريدون إخمادها في مهدها وتفكيك صفوف الثوار وتقسيمهم أجنحة وتكتلات والهدف واضح لكل ذي عينين، ولكل قلب سليم، ومن كان يملك البصر والبصيرة فقد يرى الخطر المحدق بالثورة من هؤلاء القلة الذين تحولوا إلى مثيري فتن وفوضى في ساحة الحرية اليوم.
ساحة الحرية بتعز مثلها مثل بقية الساحات تعد رمز الثورة والعدالة ونصرة المظلوم وردع الظالم، يفترض أن تكون كافة التكتلات على "كلمة سواء " وعلى "قلب رجل واحد " حفاظاً على وحدة الكلمة والهدف، يفترض أن تكون الساحة مدرسة يتعلم منها الجميع قيم الحب والمودة والتآلف والتآخي والأخلاق الراقية في التعامل مع الآخرين، ساحة الحرية ينبغي أن تجمع وتوحد لا كما نرى تفرقة وتشرذم وزد على ذلك يعمل البعض ممن يعانون من عقدة النقص على تأجيج الخلافات وبث روح الفرقة وتمزيق الثوار إلى صفوف متناحرة وجبهات ممزقة، فما نراه في الساحة من تعدد الرايات واختلاف الشعارات تشكل خطراً على الثورة وعلى الشباب بدون شك.
فكيف سيأمن المواطن العادي قليل الثقافة على نفسه أن يصل الساحة وهو يرى تلك المناظر والتي توحي بقلق كبير على مسيرة الثورة منصة هنا ومنصة وليدة هناك وجماعة هنا وأخرى منتصبة هناك على مقربة أمتار من الساحة وأخرى ترفع شعارات وفريق يستفز الثوار بمن كان لهم عداءً صريحاً وواضحاً للثورة..
أليست هذه سلوكيات تؤثر على استقرار الثوار وتركيزهم للمطالبة بمحاكمة صالح وبقايا العائلة؟ أليس ما يحدث مبعثه الرئيسي هو صرف أنظار الضعفاء ممن يتشككون من استمرار الثورة عن السير في تحقيق بقية أهداف الثورة ؟.
لذلك يتطلب من الثوار اليوم الآتي :
- توحيد الصف والكلمة والمواقف ضد كل من يريد شق الصف والضرب من تحت الحزام.
- عدم الانجرار لدعوات الطائفية والمذهبية التي يريد البعض استخدامها أداة لإثارة بؤر الصراع الطائفي والمذهبي اليوم.
- استخدام العقل والحكمة في مواقف الخلافات المثارة وعدم التمادي في توسيع البؤر التي تعيق سير الثورة في طريق تحقيق أهدافها.
- تشكيل لجنة توافقيه من كافة التكتلات في الساحة والأحزاب والمستقلين تكون مرجعاً لحل الخلافات الهامشية التي تطرأ وتحتاج تدخل العقلاء في إيجاد الحلول لها وتكون اللجنة من المتصفين بالحكمة والصبر والمنطق.
- منع دخول السلاح إلى الساحة على كافة الأطراف وتحديد موقف من أي طرف يرفض الانصياع لاتفاق المجموعة..
- إلزام كل من في الخيام احترام التعليمات الصادرة من المجلس الثوري والمجلس الأهلي، كون الثورة لا تعني الفوضى وكل واحد ينفذ ما يريد..
- إعادة حصر المتواجدين في الخيام والمتابعة لهم وفق نظام الساحة..
ختاماً.. إن من كان بالأمس مع الثوار واليوم ضدهم هو أمر طبيعي، كون المصالح تقتضي أن يكون ضعاف النفوس مع من لديه المال، وبالتالي فإن انجرار البعض تجاه قبلة "المال " وبيع القيم والمبادئ التي كانوا يتشدقون بها تحت لافتات الحرية والمساواة والعدالة والمدنية تكشفهم على الملأ بحقيقتهم ووجوههم الملطخة بسوء فعالهم وخبث مقصدهم من تلك النداءات التي يرددونها صباح مساء على مسامع الناس.
الثورة سائرة رغم أنف من يأبى سيرها ولن تتوقف ما دام في أجساد الثور ذرة روح وحياة..
عبدالهادي ناجي علي
الثورة سائرة رغم أنف من يأبى سيرها! 2565