مضت الكثير من السنوات على مشاهدتي آخر دوري مدرسي لكرة القدم أقيم في مدرستنا، وحيناها كنت في مرحلة الإعدادية، (واذكر) أنه كان يقام دوريات كثيرة ممتعة وملتهبة.. أفضل بكثير من دورينا اليمني هذه الأيام، حين كان يكتشف فيه الكثير من المواهب الذين كانوا يرفدوا منتخباتنا الوطنية من براعم وناشئين ويصيروا بالأخير مواهب يشار إليهم بالبنان، وكان في تلك الأيام حصصا رياضية خاصة بالأسبوع ومدرس رياضة يشرف علينا كل أسبوع ليعطينا (حصة) رياضية كانت تعد أجمل الحصص لنا (آه كانت أيام) وبعد أن تقدمت إلى مرحلة الثانوية اختفت كل ذلك تدريجيا بداية الحصة الرياضية ومن ثم دوريات كرة القدم.. الذي انتهى تماما وتم حرقه بقلب بارد دون حسيب أو رقيب.
(شفتم) كيف كان الحال، (كان) جميل لو كان استمر كان حافل ومشجع للعديد من الأندية اليمنية الذي (كانوا) يصدروا مدربيهم وكل مكتشفيهم لكل المدارس للتنقيب عن لاعبين وموهوبين يضموهم في أنديتهم، (وكان) حين ذاك الحصاد كبير لكثير من أندية الجمهورية، حين كانوا يتسابقوا على ضم العديد من اللاعبين من تلك الدوريات، الذين صاروا (الآن) في علم الغيب والنفي والنسيان مع سبق الإصرار والترصد.. وإن وجد في بعض من المدارس فهو نادر وعلى استحياء يمارس وبمجهودات شخصية.
فبعد هذا كله، ماذا بعد؟، استمر هذا الحال رغم معرفة وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب عبر المختصين بهذا الغياب الرياضي من ممارسته (وسكتوا) عليه دون أن يقال لهم (ثلث الثلاثة) كم، وسبب الغياب الذي لم يكن يخسر عليه مبالغ مالية كبيرة، بقدر ما كان شيء رمزي يحيي بها المدارس بالرياضة الذي تزخر كل مدارسنا بساحات كبيرة وملاعب كروية، بالإضافة إلى العديد من الملاعب الأخرى.. ورغم هذا صار حالها وهي في فضاؤه مستمر (يخجل).. وإن لم يخجل (يحزن).. والحليم يفهم بالإشارة.
والمصيبة العظمى أن القائمين على تلك النشاطات، لم يعد يعرفوا هذا النشاط وأبجديات العمل رغم أن عملهم السابق كان يدار من تحت لتحت.. وهمز.. وغمز.. وتجاوزات.. فاضحة وصارخة من قبل بعض مسئولين النشاطات في وزارة الشباب ووزارة التعليم، ومع ذلك استمروا حتى قضوا عليها، وكأنه جبل ازيح من على عاتقهم، ونحن نعرف أن الرياضة المدرسية شيء أساسي وحصة يجب أن تفرض بقوة ويعاد فرضها فرضا على المدارس بشكل قوي ومميز حتى لو كلف الأمر استدعاء خبراء من الخارج أو الاستعانة بهم، مع مراقبة لهذا النشاط بشكل دوري ومستمر وصياغة قرار وبند يحرم إهمال النشاط الرياضي بالمدارس من قبل مدراء المدارس الذي لم يعد يفرقوا بين الطابور الصباحي.. وتحية العلم!!.
المطلوب الآن مع بداية الموسم الجديد تحرك كبير وجبار من قبل وزارة الشباب والتربية والتعليم في إعادة النظر في موضوع الرياضة المدرسية، وأن يكثفوا من اهتمامهم مع الدعم المتواصل للمدارس ورفدهم بخبراء رياضيين (متمرسين) وليس (مستفيدين)، فبها صدقوني سنساعد الأندية في اكتشاف الموهوبين ونصدرهم للأندية لتأهيلهم ليصيروا مؤهلين علميا وبدنيا، كي يصيروا جاهزين لتألق وتشريف بلدهم بأفضل صورة.. فهل يكون؟ أم أن كلامنا سوف يصيب آذان صماء وعيون عمياء، فدعونا ننتظر ونراقب، وإن غداً لناظره قريب.
عباد الجرادي
الرياضة المدرسية.. الدرس الغائب!! 2636