تحل علينا مناسبة عيد الأضحى المبارك هذا العام ويمننا على أعتاب مرحلة جديدة.. بعدما خطى خطوات ملموسة على أرض الواقع.. من خلال تحقيق بعض أهداف الثورة الشبابية السلمية، عبر المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.. ولعل أهم ما تحقق إلى الآن نزع فتيل الحرب الأهلية التي كاد الوطن أن يدخل فيها لولا ستر الله وتصرف بعض العقلاء..
والحاصل أن الأوضاع المعيشية قد شهدت تحسناً ملحوظاً، لاسيما فيما يتعلق باستقرار أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، وأسعار الغاز والمشتقات النفطية، والتحسن الكبير في التيار الكهربائي، والنجاحات التي تحققت ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، وغيرها من النجاحات التي تحققت خلال فترة زمنية قصيرة، رغم التحديات والصعوبات والعراقيل التي يحاول أعداء الوطن وضعها للحيلولة دون نجاح العملية الانتقالية، وما تقوم به بعض الجماعات المسلحة من عبث بأمن الوطن وإقلاق السكينة، إضافة إلى التفجيرات الانتحارية التي تقوم بها العناصر الإرهابية والجماعات الظلامية ضد قواتنا الأمنية والعسكرية، في أماكن مختلفة من جغرافيا الوطن مترامية الأطراف..
رغم كل هذه التحديات الأمنية والاقتصادية، والسياسية، إلا أن الآمل يحدونا في أن يدرك ساستنا وقادتنا خطورة المرحلة الراهنة، وحساسيتها المفرطة.. التي تتطلب العمل بوتيرة عالية، وجهود مخلصة، بعيداً عن الصراعات والتجاذبات الحزبية والسياسية.. فالوطن يمر بظروف عصيبة، قد تعيق عمل ما تم تحقيقه من تقدم في العملية الانتقالية، خلال الأشهر الماضية، من تشكيل الحكومة الائتلافية، وإجراء الانتخابات الرئاسية، وتشكيل لجنة الشئون الأمنية والعسكرية، واللجنة الفنية للحوار الوطني.. الذي نعول عليه جميعاً في وضع الحلول والمعالجات الناجعة، لإخراج الوطن من أزماته الحالكة.. كما تتطلب المرحلة الراهنة الابتعاد عن التعبئة الإعلامية الخاطئة .. التي تمارسها بعض الأطراف المتصارعة، والتي بلا شك تؤجج الصراعات وتعمق الخلافات والانقسامات..
فعلى الجميع استشعار حجم المسئولية، والعمل بعيداً عن التراشقات السياسية والتباينات الحزبية، فالمرحلة مرحلة توافقية تتطلب الدخول في عملية مصالحة وطنية حقيقية وشاملة.. تنهي سنوات من الثارات والصراعات والأحقاد الدفينة التي امتلأت بها القلوب منذ انطلاق الثورة الشبابية مطلع العام الماضي (2011م)، وما صاحب ذلك من تعبئة وتجييش أدى إلى إحداث شروخ وفجوات كبيرة وعميقة بين بعض المكونات السياسية والعسكرية وكذلك القبلية والشعبية.. فقد حان الوقت لعقد المصالحة الوطنية.. خصوصاً هذه الأيام كوننا نعيش أجواء عيدية.. فحري بنا أن نجعل هذه المناسبة الدينية العظيمة فرصة للتصالح والتسامح وفتح صفحات بيضاء ناصعة، وطي صفحات الماضي بكل ألامها وجراحها ومآسيها.. وكل عام وانتم الوطن بألف خير.
موسى العيزقي
العيد كفرصة للتسامح والتصالح 1756