;
د. جمال حامد محمد
د. جمال حامد محمد

اللهو السياسي وقطار الوطن!! 2112

2012-11-30 02:30:24


معظم النخب السياسية تمارس السياسة من خلال استوديوهات التليفزيون واللقاءات داخل فنادق خمسة نجوم، لا يقدمون رؤى لتطوير مجالات الحياة المختلفة وإنما يبحثون عن إقناع الشعب بهم من خلال المراهنة على تصيد أخطاء للإخوان، لا يملكون رصيداً حقيقياً في الشارع، فيلجأون إلى الحيل والكذب والتآمر، يجلسون في الفنادق ينتظرون كل قرار أو قانون أو كارثة طبيعية أو غير طبيعية ليستغلوا تلك الكارثة في تشويه صورة الإسلاميين.
من لحظة رسو الأمر للمجلس العسكري بعد الثورة، رفضوا بشدة مبدأ الانتخابات قبل الدستور؛ لأنهم كانوا يريدون أن تتم عملية محاصصة كوته في تشكيل التأسيسية بعيدًا عن أي تمثيل حقيقي للشعب فيها، خاصة أنهم يدركون أن الشعب لن يتيح لهم في التأسيسية تلك المواقع التي يتبوءونها في الشاشات، فذهبوا يخوفون الناس من التصويت بنعم للانتخابات أولاً في استفتاء 19 مارس 2011، وعندما وضحت إرادة الشعب في الاستفتاء بنعم لتشكيل جمعية تأسيسية تقوم على الانتخاب، لم ييأس النخب ولكنهم أفلحوا في أن يشوهوا هذه الإرادة, فأصدر المجلس العسكري الإعلان الدستوري الأول الذي فرغ معظم مواد الاستفتاء من مضمونها، وأضاف إليها كثيراً من المواد التي لم تكن من اختيار هذا الشعب، ولم يقف الأمر عند هذا الحد, فقد ذهبوا يكيدون الليل والنهار لإنهاك البلاد ومن ثم الرجوع إلى أسلوب المحاصصة في الجمعية التأسيسية، من هذه الحيل التي نسوق قسطاً منها مع أمثلة لكل منها.
بالرغم أن هذه النخبة كانت تهتف وتغني لمبادئ الديمقراطية، فوجئ المجتمع بعكس ذلك، إذ وفقًاً للإعلان الدستوري مارس 2011 كان المفروض وفقًاً للإعلان الدستوري أن يتم إجراء الانتخابات واستفتاء الدستور وتسليم السلطة في أغسطس 2011، لكن فوجئنا بالضغط على المجلس العسكري وطالبوه باستمراره في الحكم لمدة عامين أو ثلاثة على الأقل، ونجحوا في ذلك لحد بعيد، وحاولوا مرتين تجاوز إرادة الشعب من خلال وضعهم وثيقة يحيى الجمال ووثيقة السلمي للمبادئ فوق الدستورية، بل شهد أحد هؤلاء النخبة د/معتز عبد الفتاح في تغريدة له على حسابه الشخصي بأن الذين يطعنون في شرعية التأسيسية لا يؤمنون بالآليات الديمقراطية، وطالب مصطفى بكري في جريدة الوطن 12/11/12 بالعودة إلى المجلس العسكري.
القول بأن الاستقواء بالأجنبي ضد الوطن يمثل خيانة، ولكن فوجئنا ببعض النخبة طالبوا صراحة بوصاية أميركا على في فرض إرادة هذه النخبة في التأسيسية ومن هؤلاء كل حمزاوي في جريدة الوطن 26/9/12 ومحمد أبو حامد في جريدة الأقباط بتاريخ 12/11/12.
فوجئنا بالبرادعي يصرح لجريدة ديراشبيجل الألمانية يحرض أميركا ويعلل انسحاب النخبة من التأسيسية بسبب احتوائها على أعضاء ينكرون لهولوكست، هل أصبح الإيمان بالهولوكست معيار الوطنية المصرية بعد الثورة؟.. يا للعار.
المراوغة وتناقض الأقوال في السياقات المختلفة، وإقرار صحة واقعة ما، ثم تكذيب نفس الواقعة في سياق مختلف، ومن أمثلة ذلك أننا وجدنا د/أسامة الغزالي يدافع عن تلقي بعض الأحزاب أموالاً من الخارج بطريقة غير قانونية، وقال حينها إن حزب الجبهة الديمقراطية تلقى أموالاً من الخارج بطريقة قانونية، ولكنه نفى ذلك تماماً في لقاء له مع أكرم الشاعر في برنامج أستوديو 90 بقناة "المحور" وأصر على النفي، ولكنه أسقط في يده عندما أخرج له أكرم الشاعر وثيقة تؤكد اعتراف الغزالي من قبل بذلك، ومن ثم لم يستطع حينها النفي وبهت من تلك المكاشفة.
إشاعة أخبار كاذبة تضر مصالح الوطن وتضعف موقف مصر في إدارة ملفات هامة خارجية، ومن ذلك تلك الإشاعات التي روجوها بأن الدولة تقيم خياماً لتسكين الفلسطينيين، تسخير القنوات والجرائد الخاصة في بث أخبار كاذبة تثير البلبلة والفوضى وتوحي بأن مؤسسة الرئاسة تنهار؛ وذلك بقصد إعطاء زخم شعبي للرافضين للإعلان الدستوري، وجدنا جريدة "اليوم السابع" أوردت خبراً كاذباً يوم الثلاثاء 27/11/12 عن استقالة نائب رئيس الجمهورية، ومن ثم انتشر الخبر على الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم خرج المتحدث باسم الرئاسة ينفي الخبر ويقول إن النائب موجود في مكتبه يزاول عمله حتى لحظة إعلانه لذلك، في نفس اليوم نقلت قناة "الحياة" عن جريدة "الشروق" خبر استقالة المستشار محمد فؤاد جاد الله، كما نشرت قناة "سي بي سي" هذا الخبر، وقد نفى المستشار فؤاد جاد الله خبر الاستقالة، وهذا الكذب جاء في أوقات حرجة خاصة بالمظاهرات والبلطجة التي أثارتها بعض النخب في ذلك اليوم اعتراضاً على الإعلان الدستوري، وهذا يعني توظيف الإشاعات في مصالح شخصية.
إن تلك النخب اجتمعوا أخيراً على الانقلاب على الرئيس المنتخب بعد الإعلان الدستوري، ولكنهم اجتمعوا وقلوبهم شتى، وقد ظهر هذا في تحسر الإعلامي سيد علي في لومه لهم على تأخر تجمعهم قائلاً: "كنتو فين أيام الانتخابات؟ لماذا لم تدعموا واحداً منكم ويتجمّع الآخرون حوله؟.. إن هذا التجمع وهذا الحشد تحسبه جميعاً وقلوبهم شتى".
يا أهل وطني إن التجمع للنخبة الذي ضم أذناب النظام السابق سبقه تخطيط اشترك فيه المخلصون منهم للنظام السابق، ولم يكن هذا التجمع إلا ثمرة تلك الجهود الخبيثة، المصيبة أنهم يتآمرون بأدوات ورجال المخلوع، أمثلة لهذا أن أحد ضيوف برنامج "هنا العاصمة" بقناة CBC يوم الثلاثاء 27/11/12 أعلن أنه فجر السبت 24/11/12 تم القبض على عقيد مخابرات عامة بسيارته بسيدي جابر بالإسكندرية يوزع فلوس ولديه بندقية خرطوش ومسدسين، وفي لقاء الإعلامية ريهام سعيد يوم الثلاثاء 27/11/12 في برنامج "صباح الخير" 16/11/12 مع أخي صبري نخنوخ أذاع من ورقة- بخط صبري- بها أسماء أربع لواءات من قيادات وزارة الداخلية الحاليين هم كمال الدالي وفايز أباظة وسيد شفيق ومحسن مراد كان يقابلهم صبري لمساعدة الشرطة، وهذا بالطبع يبين التعاون بين بقايا رجال مبارك في الداخلية مع كبار البلطجية.
من كل ما سبق يتضح أن هناك تنسيقًاً طوال الفترة الماضية بين ثلاثي النخب السياسية وقيادات موالين لمبارك وكبار البلطجية للخلاص من الثورة والرجوع لمزاياهم أيام مبارك، وهذا يبين تماماً أن الإعلان الدستوري سيحبط كل محاولاتهم لإحباط التقدم نحو الانتهاء من أعمال التأسيسية ثم إقرار الدستور وضياع كل خططهم، ومن ثم كان هذا التزامن بين مظاهرات النخبة وبين أعمال البلطجية التي تخرب المنشآت وتقتل الأنفس، وتجد الغطاء الإعلامي والسياسي المبطن لهذه البلطجة.. وخلاصة الأمر أن السبب الحقيقي لاحتجاجات النخب السياسية ليس مصلحة الوطن والثورة, بل حسابات خاصة بهم, إنهم يحاولون وقف القطار قبل أن يأخذ سرعته القصوى.
*أستاذ بكلية التربية جامعة سوهاج

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد