كان التحكم الكروي اليمني خلال عقود طويلة وسنوات عديدة.. هو بارقة أملنا الكروية.. ومثل التحكيم اليمني خلال تلك المدة السابقة طوق نجاة وبصيص نور وضوء في ظل أوضاع كروية متعثرة وتراجع حينا واستقرارا حينا آخر.. ولم تهتز ثقتنا بالتحكيم اليمني إلا خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية التي صار فيه التحكيم اليمني صورة طبق الأصل لواقعنا الكروي بعد أن دخل في ثناياه البعض والقليل الذين غلبت منافعهم على ما عداها!.
ومنذ التسعينات انحازت الكفة للتراجع التحكيمي.. وانهارت العلاقة في بعض الأحيان بين ميزان العدل وصافرة البعض.. كان حكامنا في الماضي المنظور.. وقبل حقبتنا الحالية زهور تفتحت في ملاعب الأشقاء والقارة الصفراء.. ونالت البزة السوداء ثقة وتقدير جميع الأشقاء العرب والآسيويين منذ استخراج الشارة الدولية الأولى لليمن بشطريه للحكم الدولي أحمد محمد الفردي.. ليأتي الداهية والدولي محمد أحمد مقبل (المقبلي) ليضيف للتحكيم والحكام اليمنيين بعدا أكبر وعلاقات اجتماعية مثمرة مع جميع جهات الاختصاص التحكيمي خليجيا, عربيا, آسيويا, ودوليا.. وكان يراسل هذه الجهات ويوافيها بكل صغيرة وكبيرة عن الحكام اليمنيين، وحصل من خلال ذلك على زيادة منسوب الثقة والتقدير والاهتمام.. ومازال حتى اللحظة يمارس طقوسه وهوايته كجهد شخصي وتبعات من جيبه الخاص.
كنا نمتلك من الحكام من تمنت بلدانا أخرى أن ينتسبوا إليها.. من منا لا يتذكر الحكم الدولي علي حاجب الذي كان الحكم الوحيد إذا وطأت قدماه أرضية (الحبيشي) صفقت له الجماهير قاطبة دون تمييز.. وعلمت جماهير التشجيع أنها لن تغلب بقرار خاطئ أو استعجال في تقدير أو مجاملة لأصحاب النفوذ.
وعاش التحكيم اليمني عصره الذهبي.. ليظهر لنا الدوليون سعد خميس, عبدالله بهيان, محمد عبد الولي مسرج، النويجي, حسن مسرج, أحمد بن عمرو, سيف بن سيف, وأمين مرشد عقلان.. وغيرهم كثيرون لا تسعف الذاكرة ذكرهم.. بل إن بعضهم اعتبر التحكيم وإدارة المباريات مرحلة وفصل دراسي يليه فصول آخرى, حكم دولي, محاضر عربي, ومحاضر دولي, كما هوا الحال للحكمين أبو جمال وسعد خميس.
وعلى الجانب الآخر كنا نضع بطيخة صيفي إذا أدار مبارياتنا حكام أفذاذ وقضاة عدل من محاكم الدولة أمثال الدوليين (عبدالواحد الخميسي, عبدالسلام ناجي, عبدالله سالم, وذلك الحكم التعزي الذي غاب اسمه عن الذاكرة ولم تغب عنا عدالته).
لا نريد نبش جراح.. ولا عجن واقع مر ومزرٍ ومهين لحكامنا الحاليين.. ولكن إذا لم نستطع أن نطور الحكام ولا نعطيهم حقوقهم ونمنحهم حتى ما نسبته 10% من احتياجاتهم أو مما يحصل عليه غيرهم في بلدان مجاورة وشقيقة.
فالعيب الأكبر أن نحرمهم كذلك من التكريم والتقدير والعرفان، ونمسح عنهم عناء وظلم عقود.. حتى بمنديل ورقي.. فالفرع الكروي العدني التقط هذه الحالة الطيبة من صحوة الضمير وانزيمات التقدير وعمل على تكريم (13) حكما هم صفوة الماضي ونقوته من الذين كان الآخرون والبلدان الأخرى يعرفون قيمتهم وقيمهم.
أرجوكم.. وبحق كل قطرة عرق سكبت في ملاعبنا.. وبحق كل صافرة عدل انطلقت لإعلاء الروح الرياضية.. والعدالة الكروية أن تعطوهم حقوقهم.. كرموهم بالقليل من المال والكثير من التقدير والاحترام.. نكرر قليل من المال وكثير من التقدير.. فضربتين بالرأس توجع.. ولا يجمع الله بين عسرين.
باختصار شديد ومفيد.. فرع الكرة العدني بحاجة لشفط دمه النقي والشريف.. بدم فاسد وملوث.. لأنه يغني خارج السرب.. وصوته نشاز في اوركسترا رياضية وكروية هي طبق الأصل وصورة مرئية ومضبوطة تماما لواقع عام نعيشه ونتعاطاه ونتنفسه رغما عنا.. وصدق من قال (لوكنت في مملكة العمي.. أعور عينك).. ويا حيدان.. ويا حسني.. متى نراكم عور؟؟!!.
عيدروس عبد الرحمن
يا.. ويا..: متى نراكم عور؟؟!! 1693