إذا ذكر هذا الرجل.. ذكرت معه لعبة الكرة الطائرة بعصرها الجميل وزمنها الممتع وأبطالها الأفذاذ، أولئك المبدعون الذين كنا نطوي لهم المسافات ونتجاوز المدن والمناطق لمشاهدتهم ومتابعتهم بل والاستمتاع بفنهم.. وكنا نعلم - آنذاك - يقينا ولا يدع أو يترك مجالا للشك أنه إذا استقام هذا الرجل أو أعطى توجيهاته للفريق الذي يدربه أصابنا الإحباط واليأس أن البطولة ودرعها وأقراصها الذهبية ستكون من نصيبه وفريقه.
كم تمنيت أن أراه لاعبا من أجل تقييم متواضع بينه كمدرب ولاعب.. إلا أننا سمعنا عنه أنه كان أحد أساطير اللعبة، لكن للأسف لم نشاهده يلعب وإنما شاهدناه يقود الفرق إلى اتجاه واحد فقط لا اعوجاج فيه ولا انحراف.. ولا تردد أو تخاذل صوب طريق واحد هو منصات التتويج.. ولا تستغربوا إذا قبض نادي الميناء الرياضي واحتكر بطولة الكرة الطائرة لعشرات السنين.. ثم يتواضع ويفلتها للشعلة أو التلال أو شمسان ليعاود استعادتها ردحا من الزمن.
والتعرف على رجل بهكذا مواصفات غنيمة ومكسب لا يقدر بثمن.. والتقرب إليه والاستماع إليه.. يعد - ولا مبالغة - درس أكاديمي.. وحصة نستمع إليها في الجامعات الخارجية.. تجلس معه تشعر أنك في بحر متلاطم من الكرة الطائرة / أسرارها / أحوالها / أبطالها / تاريخها / حركة تطورها الميداني والفني منذ النشأة والارتقاء / والتعديلات والتبديلات / حتى مرحلة (دع الكرة تحلق في السماء).
اعترف أنه منذ بداية مهنتي التي تصل لأكثر من ثلاثين عاما.. وفي منافسات الكرة الطائرة كنت أراقب الحضور وأتفحص موقع قدمه لأجلس بجانبه اسأله عن هذه الحركة أو عن هذا القرار.. وهو للأمانة كنت أحس أنه أسعد مني وأسعد أكثر لإحساسه أن أحدهم يود أن يفهم ويتعلم أما هو - وأقسم على ذلك - فإنه يعطي بلا حدود.. دون أن تكون ميناويا أو من حمران العيون أو تحب عصير البرتقال.
وهو للأمانة رجل وإنسان كيف عمره / وقته / علمه / وكل شيء يجيده للعبة.. وحتى عندما يطاح به من النادي أو الفرق الوطنية تكتشف أنه كاتب رياضي من ذوي درجة (المقصورة الرئيسة).. ونحن من يبحث عنه للكتابة، وهو يتمنع ويتودد ويتدلع.
أما إذا.. أحبك أو احترمك أو أحس أنك قد يأتي منك.. يا ويلك ويا سواد ليلك.. نقده لاذع / مر / قاسي / حارق / من دون إهانة أو اتهام أو تجريح أو حتى اساءة.. لكنه يخرج كل ذلك بقلب صدوق ولسان عف وشدة أب أو معلم من معلمي زماااااان.
للأستاذ القدير الذي تعمدنا نسيان اسمه حتى النهاية.. تحية وقبلات ثلاث الأولى لمن تاريخه يسبقه.. والثانية لمن علمنا وربانا رياضيا بطريقة صادقة.. والثالثة لأن اسمه في شهادة الميلاد الأستاذ (علي عزاني) الأب الروحي للكرة الطائرة.. يرضى من رضي ويحنق من حنق.. وعذرا أستاذنا الفاضل للتقصير.
عيدروس عبد الرحمن
العزاني ...... 2009