تأسف حيت تبتذل أقلام ما عظمة الحرف وقداسة الكلمة، فيتحول القلم إلى وسيلة استرزاق, وتتنكب الصحافة وظيفتها الخالدة، فتبدو مهنة للتسول على قارعة اللاحياء واللاانسانية.
ثمة وظائف ومهام تقبل أن تتحول وتتبدل وتتغير حسب الطلب وحسب حرارة الجيب ودفء الإعطاءات, لكن رسالة الإعلام والصحافة ليس لها إلا وجه واحد، وطريق فرد لا ثاني له...
من يمتهن الرقص على حبلين أو أكثر في عالم الإعلام والصحافة والكلمة الحرة لن يفلح ولن يكتب له السداد حيث وسيسقط في أول اختبار وسيصبح اقرب إلى شخصية مهرجة يضحك الكبار ويضحك عليه الصغار.
امتلأت صحف صفراء خلال فترة ماضية بمداد كتابات محرضة على شباب الثورة والسخرية من كل الناشطين السياسيين وظلوا شهورا يكيلون المدح لأدوات الاجرام والقمع والاستبداد والعنف.
 وفجأة وبقدرة قادر تحولوا إلى أمناء ثورة، ولسان ناطقة باسم الثوار تتحدث عن مآسيهم وتبكي على مصابهم وجراحاتهم، فتجدهم يتحدثون على التقصير في علاج جرحى الثورة مثلاً – وهو بالطبع مطلب حق - لكن تلك الأقلام التي تطالب بعلاجهم للأسف هي تلك الأقلام التي حرضت على قتلهم وأعلنت أن تلك الدماء الطاهرة ليست الإمداد أحمرا وشراب فيمتوا وظلت تنتهك حرمات الشهداء وتسخر منهم ليلا ونهارا وتدافع عن القتلة وتبرأ ساحاتهم..واليوم ها هي بعينها وأذنها ورأسها ويدها نفس الأقلام والأسماء والأشخاص - حتى الصور المرافقة لتلك الأطروحات المحرضة على القتل نفسها - هي لم تتغير حيث نراها اليوم تتحدث وكأنها الوكيل الحصري والشرعي للشهداء..
لا يعقل أن تتحول هذه الأقلام من خانة التأييد للقتل والسحل إلى خانة الدفاع عن الجرحى والشهداء إلا في حالة واحدة فقط وهي حالة الصمت واعتزال الكتابة وإعلان مرحلة الطلاق مع الكلمة والإعلام،ولعل ذلك قد يشفع لتلك الأقلام جريرتها السابقة في التحريض على القتل..أما وسجلها مثقل بكلمات الزور والدجل والتحريض والتسبيح بحمد القتلة والمجرمون، فلن نسمي مواصلة فعلها هذا إلا دعارة صحفية وتجريفاً للأخلاق والقيم والمبادئ وانحطاطاً إلى قاع الدونية التي ليس دونها إلا الدرك الأسفل من لعنات الشعب وغضب الثوار..فالحذر الحذر..