في ظل المرحلة التي أعقبت التوقيع على المبادرة الخليجية تبلورت مواقف عدة، فبعد أن كان كل منا ممسكاً على زناده جاءت هذه المبادرة شفيقة رحيمة لتلقي بظلالها وتحط رحالها في اليمن وفي بلدٍ أنهكته أكثر من ستين مليون قطعة سلاح، فالسواد الأعظم من الشعب اليمني أختار الجنوح للسلم والتوكل على الله وهي سنة من سنن الله، فمرحلة ما بعد المبادرة الخليجية تكون ولاشك مرحلة السلم الأهلي ولن يقبل اليمنيون بأحدٍ يتمادى في رفع السلاح، إذ أنه لا يصح عرفاً أن نقبل بمن يرفع السلاح لتحقيق مآرب لو يعيها الجميع لتداعوا عليه كما تتداعى القصعة على أكلتها.. نحن من هنا لا نريد أن نجرح الحوثي أو نستفزه ولكننا كشباب ثورة نريد تقرير مصير وطن ورسم ملامح اليمن في زمنٍ طالما زاد عدد الباعة فجاء المشترون بخيلهم ورجلهم، فالسلاح لن يحقق أي هدف وقد تابعنا ذلك في ليبيا وها نحن نراه عياناً في سوريا، فصوت الحق هو أقوى سلاح وقلم الصدق هو أكثر حداً ويكفي اليمن واليمنيين مزايدة باسم الدين وباسم الإسلام والموت لأمريكا التي أدخلتكم في مؤتمر الحوار الوطني والتغرير على الشعب المسكين..
فالسلاح الذي يقتل إخواننا في صعدة وحجة والجوف وعمران وجب اليوم أن ينزع ويتم بسط نفوذ الدولة لينعم أهل هذه المناطق بالأمان، كيف وقد استهدف هذا السلاح الرجال والنساء والأطفال مقابل عمل دنيء طائفي مقيت وخطة فارسية مبيتة خبيثة فنجد جماعة الحوثي تارة يقتلون أو يعذبون شخصاً، لأنهم رأوه يصلي وهو يضم يديه إلى صدره وهو ما قاله الأمام زيد ابن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال: (كنا نؤمر بأن يضع الرجل يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة)، ونجدهم تارة يعذبون شخصاً أو يقتلونه بسبب أنه من أحفاد معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنهما وتارة أخرى لأنه وهابي وتارة أخرى لأنه مسلم، فأي شخص يتظاهر بالإسلام والتدين يسعون إليه مهرولين ولم يصنع ذلك سوى اليهود.
فسلاح الحوثي خطر على اليمن وعلى المنطقة، لأنه بأيدي أقوام يخدمون أمريكا وإسرائيل وإيران ويدعون كذباً وزوراً أنهم ضد أمريكا وإسرائيل وعندما نأتي لنقرأ الواقع نجد أن السفير الأمريكي في اليمن فايرستاين هو الوسيط بين الدولة وجماعة الحوثي للولوج إلى مؤتمر الحوار الوطني وهذه حقيقة لا يشك فيها إلا جاهل أو مراوغ.
فيجب أن يكون من أولويات عمل مؤتمر الحوار الوطني هو نزع سلاح التمرد ضد الشعب اليمني، لأن الشعب سيترك المجال للسياسيين، فإذا لم يصل السياسيون إلى مبتغى الشعب حينئذ سيتحرك الشعب ليحمي أراضيه وبسط النفوذ الشعبي على كافة المناطق التي يسيطر عليها مندوب إيران في اليمن الحوثي وعصابته، فيجب أن يعي الحوثي أن المرحلة أصبحت غير وعليه أن يترك السلاح وينشر مشروعه أو فكره على الشعب بالسلم والشعب هو الذي سيوافق أم سيرفض.
وعليه أن يعي أيضاً أننا نستطيع أن نتعايش جنباً إلى جنب دون إقلاق السكينة العامة والأمن العام، حينها يعود النازحون إلى قراهم آمنين مطمئنين، يحدوهم فجر جديد وحياة جديدة ليس فيها مليشيات الحوثي وإنما مواطنون حوثيون نكن لهم كل تقدير واحترام ولهم الحق في اعتقادهم، وحينها أيضاًَ يتوقف القتل الذي تمارسه الجماعة ويرى نور الشمس أولئك القابعون في سجون ومعتقلات الحوثي ويظهر المخفيون قسراً..
فقد كتب الرب سبحانه في الواحد والعشرين من فبراير 2012م ميلاد حياة جديدة لليمن ولليمنيين ولم يقتصر الدور على الرئيس السابق والحكومة ورؤساء المنشآت وقادة الأجهزة العسكرية وفي الركب سيمر الحوثي وسلاحه كي ينعم هذا البلد المنهك الضعيف ولو بشيء من الأمان الحقيقي والرغد المعيشي، فمرحلة ما بعد الثورة يكون المسح الميداني لكل من تسول له نفسه أن يتاجر ثانية باليمن الطيبة وشعبها الأبي العزيز.. فبعزتنا وقوتنا ولو كانت شيئاً ما ضعيفة ولكننا نعتبرها قوة رادعة بالعزيمة والإصرار نستطيع أن نمنع تجار الدماء من أن يصلوا إلى مبتغاهم لا أن نأخذ السلاح من إيران لنفسد في الأرض خدمةً لها.
وهي رسالة أخوية صادقة إلى كل حوثي عزيز وليست إلى القادة، فهم المتاجرون وأما من هم على الأرض والشارع فهم إخواننا بل وجيراننا بل ونقدم لهم التحية والإجلال، فلا ينخدعوا بالشعارات الرنانة والدعايات الكاذبة، فعندما نسمع بأن قادة الجماعة المتمردة الحوثية أخذوا سلاحاً من إيران نسعى أيضاً نحن جاهدين للحصول على السلاح، عندئذٍ من المستفيد؟.. فها نحن على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني الشامل يجب أن ينزع سلاح كل من يحمل السلاح وفي المقدمة سلاح الحوثي الذي عاث به في الأرض فساداً وإفساداً للحرث والنسل وإلا فلن ينعم اليمنيون بالأمان في ظل بغي الحوثي على الشعب، فجماعات ستولد جماعات وأحزاب ستولد أحزاباً ولن يكون سوى الدمار والخراب.
يقول الله تعالى: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون))، ويقول الله تعالى: ((لا يرقبون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون)).. والسلام.
عمر أحمد عبدالله
إلى مؤتمر الحوار.. نزع سلاح الحوثي أمر لا جدال فيه 1802