منذ أيام تسود موجة من العنف في بعض المناطق في الجنوب ازدادت وتيرتها مع تلك الاحتفالات التي أقيمت في ذكرى رحيل نظام صالح ونظمتها السلطة المحلية بالمحافظة وأنصار الرئيس هادي وشارك فيها بعض أعضاء الإصلاح والحراك السلمي وشخصياً كنت أرى أن هذه الاحتفالات لا داعي لها كونها ستوتر الأجواء, لكنني في نفس الوقت مع أن يحتفل المحتفلون وأن يقيم الجميع فعالياتهم طالما وهي سلمية .
إننا ندين أي استخدام للقوة من قبل الأجهزة الأمنية وقمع وتفريق أي فعالية بالرصاص الحي, ناهيك عن قتل وجرح أي شخص وإطلاق الرصاص العشوائي طالما وهذه الفعاليات أو الاحتجاجات سلمية ولأي جهة كانت وفي نفس الوقت ندين ونستنكر قطع الطرقات وإغلاق محلات تجارية لأبناء المناطق الشمالية والاعتداء على بعضهم في مناطقية بغيضة وإثارة للكراهية والتفرقة المناطقية بين أبناء الشعب الواحد ونحن نحمد الله الذي عافانا في المناطق الشمالية من هذه النزعة المناطقية البغيضة والكراهية لإخواننا أبناء المحافظات الجنوبية .
نحن ندرك أن العلماء في المحافظات الجنوبية يعانون من إرهاب عناصر الحراك الإيراني المسلح وبعض هذه العناصر يكتبون على منازل بعض العلماء والدعاة عبارات نابية وشتائم ويتعرضون لتهديدات ويتم إرغامهم على السكوت والحياد في أحسن الأحوال, لكنني استمعت مؤخراً لتسجيل فيديو للشيخ علي بكير, رئيس علماء حضرموت, وهو يهاجم الحراك المسلح ورموزه كالبيض وباعوم ويصفهم بالسفاحين ويهاجم نظام صالح ويذكر أبناء الجنوب بالمآسي والكوارث التي ارتكبها النظام الذي حكم الجنوب قبل الوحدة ويحث كذلك على الوحدة والتآخي في طرح قوي ورائع وشجاع.
لقد قال الشيخ بكير كلمة الحق ولم يخش لومة لائم وهذا هو العالم الشجاع الذي تشرئب لكلمته الأعناق ويؤثر في الجماهير, فلو أن العلماء والعقلاء في كل زمان ومكان خافوا وسكتوا عن قول كلمة الحق والتبيين للناس والنصح للجميع وتوعية المغرر بهم ولجم العنف وإيقاف الباطل لضاعت الأمة.
إن الاعتداء على مقرات الإصلاح وهو حزب سلمي وحرقها والاعتداء على حراسها سلوك همجي ندينه ونستنكره وهذا السلوك يزيد الناس تعاطفاً مع الإصلاح ويثير استياءً شعبياً واسعاً ضد منفذي هذه الاعتداءات ويزيد أبناء الإصلاح في عموم اليمن تماسكاً وترابطاً وقد لمست هذا بنفسي في صفحات الفيسبوك وحتى قرأت لكثيرين ومن أبناء الجنوب يعلنون انضمامهم للإصلاح كرد حضاري على هذه الحملة الظالمة التي تطال مقراته في بعض مناطق الجنوب. .
ما ذنب صاحب المحل من أبناء المحافظات الشمالية والذي جاء لحضرموت لطلب الرزق وتنشيط الحركة التجارية وخدمة الناس حتى يعتدى عليه ويغلق محله؟! هل هذا العامل البسيط هو من نهب الأراضي في الجنوب وسرح أبنائه من وظائفهم وتعامل مع الجنوب بعد حرب 1994م كفيد وغنيمة حرب أم هي عصابة صالح الذي يحرض هو الآخر اليوم على العنف في الجنوب؟ مالكم كيف تحكمون؟.
إن على الدولة مسئولية مزدوجة وهي إعادة المظالم لأبناء الجنوب وتلبية كافة حقوقهم مطالبهم المشروعة وفي نفس الوقت إلجام عنف الحراك الانفصالي المسلح المدعوم من إيران وتجفيف منابع دعمه وتبيت الأمن والاستقرار وعلى العلماء والعقلاء في اليمن عموماً وفي الجنوب خصوصاً الخروج بموقف وتبيين الحكم الشرعي في مرتكبي هذه الأعمال والممارسات والنصح والبيان وقول كلمة الحق وتبرئة الذمة حتى لا تغرق سفينة الوطن الواحد وتعم الفوضى .
إن تلك الممارسات المناطقية وقطع الطرقات وإثارة الفوضى لا تخدم القضية الجنوبية ولا تسرع بوتيرة انفصال الجنوب, بالعكس هذه الممارسات تضر بعدالة القضية الجنوبية وتزيد الناس تمسكاً بالوحدة والتفافاً حول الوحدويين وتعكس صورة همجية للحراك, مع إدراكنا أن كثيراً من أبناء الحراك هم سلميون وأن عناصر الحراك الإيراني المسلح لا يمثلون الجنوب بقدر ما يمثلون أنفسهم ومن يحركهم ويمولهم .
محمد مصطفى العمراني
أين العلماء والعقلاء مما يحدث في الجنوب؟! 1895