مهما كان شكل الدولة الجديدة التي سيختارها الشعب نؤكد دائماً أن التغيير يبدأ من الداخل وأن الدولة الجديدة المنشودة إذا لم تحمل قيماً ومبادئ إنسانية عملاقة نستطيع عبرها أن نعكس ذلك الخير والنماء الذي تحمله قلوبنا وأرواحنا على أرض الواقع بناءً وتنمية وازدهاراً وبعداً عن مواطن الشر والفتنة والاقتتال، فإننا نكون وبرغم كل ما حدث ويحدث كل يوم قد فسرنا الماء بالماء ولم نحدث أي تغيير يذكر على المستوى الوطني، علاوة على ذلك التدني الإنساني الذي عكسته الأحداث على مجتمع اليوم، المجتمع الذي تسوده الثغرات وتحيط به فخاخ الحضارة المزيفة من كل شكل ولون.. نريد دولة تمنح كل ذي حق حقه، تحسن إلى المحسن وتعاقب المسيء وتجزل العطاء لمن يجود بجهده وتنزف مسامه عرق البذل والتضحية.. نريد دولة لا تخاف أن تقيم حدود الله على من اعتدى على حرمات الله، دولة تؤمن بمنهجيتها الخلقية وعقيدتها الدينية وتثق بأنها مصطفاة من خير الأمم التي خلقها الله إلى يوم الساعة.. دولة لا تهمل قدرات شعبها ولا تستغل ضعف بنيتهم العلمية والفكرية لتشريب عقولهم بثقافات مشبعة بمبادئ ركيكة ومناهج حياتية خالية من المضمون القويم، دولة تستغل تلك الطاقات العملاقة لدى من لا يرغب في التعليم ويعتمد على قواه البدنية في تحقيق استقراره المعيشي.. دولة تحاسب من يرى في الأرقام خدمة يمكن أن يؤديها لصالحه ويرى في المناصب لعبة يمكن أن يصل عبرها إلى قمة السلم الوظيفي دون أن يسابقه فيها أحد، ويتعامل مع درجته الوظيفية أو مقعد المسؤولية التي تقع على عاتقه وكأنها وسيلة لتحقيق مكاسب اجتماعية وسياسية غير مشروعة، نريد دولة تسودها لغة الحكمة والاتزان.. دولة عظيمة بقراراتها، مميزة بإنجازاتها، مهابة بجهازها الأمني الذي يرعى استقرار الرعية كما ترعى الأم أبناءها.. دولة مقامها رفيع إلى الحد الذي يكون فيه رعاياها خارج الوطن في المقام ذاته، دولة لا تبيع ثرواتها ولا تصادر ثوراتها ولا تتعامل مع شعبها كقطيع من الماشية يمكن أن يأكل ما تيسر من العشب ويسقى ما تعكر من الماء، يبيت في اكواخ القش ويصبح وقد نال من حياته صقيع الشتاء..
نريد دولة تحترم إنسانيتنا، تتعامل مع كل أبناءها وفق مبدأ المساواة حتى لا يكون فيها مشائخ ورعية، اسياد وعبيد، صغار وكبار، فقراء وأغنياء.. نريد دولة إذا قالت صدقت وإذا وعدت وفت وإذا حملت امانة ادتها، دولة تبني بيننا وبينها جسراً من الثقة، لا جداراً من العزلة، دولة طموحة، واثبة، ديناميكية، تجعل من التغيير سمة مميزة لها.. دولة لا تستهلك هيبتها في شعارات مفبركة ولا تصرف وقودها السياسي في هتافات لا طائل منها سوى إثارة السخط في نفوس الضعفاء الذين لا يملكون من امرهم شيئاً ولا يستطيعون إلى ما تأمل أنفسهم سبيلاً، نريد دولة تمنع تدويل قضايانا وتأبى أن تنشر غسيل الوطن على شرفات العالم الآخر.
ألطاف الأهدل
شكل الدورة التي نريد 1453