خلال الحملة التوعوية التي قمت بها تحت مظلة (الهجرة الدولية) وبإشراف مباشر من منظمة (نفوذ) اكتشفت الكثير مما كان مخبئاً تحت غطاء الديمقراطية بكل أشكالها وألوانها الجذابة التي تخفي دونها أبشع صور الجهل والتجهيل.
وسواءً قبلنا ذلك أم رفضناه، فالأمر واقع ويعاني الجميع وطأته، لكنه لا يعلم أسبابه ولا يحاول البحث عن السر الذي يمكن خلفه..
إن قصور الجانب التوعوي فيما يخص حقوق المرأة أياً كان نوع تلك الحقوق جعل الكثير من النساء عازفات عن المطالبة بالإنصاف من أهل البت والقضاء لأنهن يرين أن تلك المظالم التي عانين منها مصير محتم ليس منها أي مخرج، بل إنهن قد يلجأن لأكثر من طريقة للخلاص من تلك المظالم دون علمٍ منهن بأن القانون قد كفل لكل إنسان منا مساحة معقولة من العدالة والحرية توازيها مساحة من الحقوق والواجبات التي ينبغي على الجميع الالتزام بها حتى تستقر كفتا الميزان الاجتماعي ونحصل على الرخاء المنشود فيما يخص العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع سواءً كانت تلك العلاقة مبنية على رابطة فطرية أو كان للحاجة فيها سبب للارتباط كالعلاقة الزوجية مثلاً.
معلمات، موظفات، طبيبات.. لا يعلمن عن حقوقهن الدستورية شيئاً، بل إنهن لم يتوقعن ولم يتصورن أن يكون الدستور اليمني قد تحدث عن حقوق تعليمية وعملية واجتماعية وصحية، مفنداً إياها قانونياً بما يعود على مسار حياتها بالفائدة على مستوى الحق الذي يقابله الواجب.. نعم هناك إخفاقات قانونية وغموض في بعض النصوص الدستورية وهذا ما قمنا بتعديله وتقديم مسودة التعديلات الدستورية الخاصة به إلى لجنة الحوار الوطني التي ستدعم- بإذن الله- تلك الحقوق التي طالبنا بها أصحاب القرار السياسي لتعود المرونة إلى العلاقات المعقدة في المجتمع والتي كان للقانون أثر كبير في عدم مواءمتها للواقع بكل ما فيه من ضوابط تقليدية ذات سلطة محلية قوية قد تفوق قوتها في بعض الأحيان قوة القانون.
إن مسألة الانسجام بين القانون والعرف والاتفاقيات الدولية التي كان لليمن نصيب منها يجب أن تأتي بما يحقق مصلحة الإنسان اليمني دون أن يلغي هويته الثقافية أو العرفية وكلنا يعرف أن مجتمعنا اليمني غني جداً بمنظومة قيم ومبادئ ومفاهيم عرفية لها دورها الكبير في تحقيق نوع من الاستقرار المجتمعي وإن كان بعضها داعياً للعنف أو سبباً كالثأر مثلاً، لكن تبقى هناك ضوابط فعلية فرضتها هيبة العرف المجتمعي ولا يستطيع أياً كان أن يعبث بمحتواها المحلي والتقليدي لأنها تبقى عوناً للقانون في تحقيق الاستقرار المجتمعي المنشود..
لكن ما نأخذه كنقطة خلاف مع المرأة؛ جهلها الكبير بحقوقها كإنسان أولاً وكنصف المجتمع ثانياً وكمسئولة عن تربية نصفه الآخر ثالثاً وكمواطنة يجب أن تسهم في تحقيق التوازن القانوني بين الرجل والمرأة لأن ذلك يعني ظهور بنية مجتمعية جديدة تتسم فيها علاقة الرجل مع المرأة بالشراكة والتقاسم العادل للأدوار والتناغم الكبير في التعاطي مع مهامها الأسرية والتنمية التي تظهر وظيفياً خارج إطار الأسرة.
ومما لاشك فيه أن وجود قانون يحمي أفراد المجتمع بأكمله مع تخصيص وتفنيد الأدوار الموكلة لكل فرد فيه سيسهل الوصول إلى مجتمع مدني متطور يحترم سلطة القانون ويميز بين واجبات الرجل والمرأة وحقوقهما كقطبين جاذبين للتوازن والاستقرار المجتمعي نتيجة لاضطلاع كل منهما بما يناسبه من أدوار ومهام.
ألطاف الأهدل
وليس الذكرُ كالأُنثى 1588