مضى عامان كاملان على قرار الإفراج عن وظائفنا التي بقيت طي النسيان لسنوات طويلة تجاوزت الستة عشر عاماً بالنسبة لي وما يزيد عن هذا بالنسبة لآخرين سواي، قرار الإفراج جاء على خلفية سياسية يعلمها الجميع، فكانت محل ريبة وتشكيك ولاتزال حتى لحظة كتابة هذا المقال.. كان أبريل للعام2011م هو الشهر الذي حمل نبأ الإفراج عن ستين ألف وظيفة، ظننا للوهلة الأولى أنها الكذبة الشهيرة التي يراد بها التهدئة ومضينا في طريق استكمال كل إجراءات التوظيف، يدفعنا لذلك حسن الظن بالله لا أكثر ولا أقل.
اليوم نقف طوابير أمام لجان المطابقة أو شبابيك البريد بعد أن رأت الدولة أن تتعامل مع هؤلاء الموظفين كمستفيدين من الضمان الاجتماعي، فأصبح لدينا راتب تراكمي بعد كل ثلاثة أشهر، تستقطع منه الدولة ما يقارب ثمانية آلاف ريال عن كل موظف لما قيل أنها رسوم تأمين + ضرائب، بينما لم نحصل حتى اللحظة على إقرار تثبيت رسمي، فكيف يتم الالتفاف على مبالغ كهذه قيل لنا مؤخراً أنها تصلنا من جيب الدول المانحة مباشرة؟..
حتى الفتوى التي أصدرتها الخدمة المدنية ألغت حقوق عام كامل منذ بدء الاستمرار في العمل، وهكذا فنحن وبفعل هذا الاستطراد التعسفي محرومون من استحقاقات وظيفية وإدارية ومالية، لأننا، وكما يقول كثيرون ودون أن يمنعهم من قول ذلك حياء أو دين أو إحساس وطني: (عيال علي صالح)!.. وإذاً فموظفون يشغلون ستين ألف وظيفة هم عيال علي صالح وباقي الشعب هم عيال عبد ربه!.. ما يزيد الطين بلة أن خمسمائة درجة وظيفية تم اعتمادها قبل أشهر واستطاعت الدولة تثبيت كل موظف منهم في مكانه المناسب وبأقل جهد ممكن وهم اليوم يحصلون على راتب شهري منتظم وعبر شبابيك بريدية رسمية، وقيل أنهم جاءوا وفق خطة احتياج.. طيب ألم يكن من الأسهل على أصحاب الشأن أن يثبتوا من (موظفي الأزمة) خمسمائة موظف؟ ألم نأت نحن وفق خطة احتياج والمدارس تئن من قصور كمي وكيفي في مختلف المواد التعليمية دون أن يهتم لهذا أحد؟.. كيف يتم تجاوزنا والضرب بنا عرض الأحداث السياسية المريرة وكأننا لسنا من أبناء هذا الوطن؟
في الحقيقة يجب أن تعي هذه الحكومة حجم المسؤولية التي تنتظرها بعد أن أصبح الناس وجهاً لوجه أمام قرار شعبي وحيد لا يحتمل التثنية ولا يقبل التثليث، لقد ثار الناس وقدموا أرواحهم فداءً لآخرين، ومن غير المعقول أننا لم ننجز خلال هذا المنعطف التاريخي إلا نسخة طبق الأصل عن ما كان وما سيكون.. نريد دولة عدل، فكما تم تغييب وظائفنا لسنوات طويلة والمتاجرة بها عبر سماسرة التوظيف يجب أن يكون لنا حق الأولوية في التثبيت والحصول على استثناءات وظيفية تسهل وصولنا إلى معاش تقاعدي جيد، هذا إذا كتب الله لنا الحياة ولم توقعنا أحداث أخرى في مآزق سياسية ندفع ثمنها من إنسانيتنا وحقنا في الحياة الكريمة.
ألطاف الأهدل
هل كانت وظائفنا مزحة سياسية؟ 1516