إن نقطة الانطلاق التغييرية في الإنسان واحدة منذ أن خلق الله آدم, لأن الإنسان مركب فطرياً على الاستعداد للشر والخير والفساد والصلاح، والاستعداد للتأثير والتأثر، والتغيير والتبديل، ولهذا فإن نقطة الانطلاق لعمل أي تغيير وتحول وفي أي مجتمع من المجتمعات يبدأ من الإنسان ومن تغيير التصورات والأفكار كما بدأ النبي محمد رسول الله بتغيير تصورات وأفكار العرب عن الله والكون والإنسان والحياة، وكما قيل العمل فرع عن التصور، ونحن اليمنيون بأمس الحاجة إلى ثورة تغييرية في التصورات والأفكار، وفي أهمية النظام والقانون، وأول خطوة هي حدوث تحول إيجابي داخل البناء النفسي لقادة التغيير في الأحزاب وفي للمجتمع اليمني..
وبهذا يقول الله تعالى في الآية 11 من سورة الرعد ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، أن نغير ما بأنفسنا من تصورات عنصرية وسلالية طائفية تعصبية متوارثة، وأن نغير ما بأنفسنا من أفكار ومشاعر وعادات, جعلنا هادينا من الدين، وهي مضرة وغيرها، وهذا التغيير يتطلب منا ثورة كما أن إزاحة مشروع صالح وعائلته التوريثي تطلب منا ثورة وهي الأسهل، ولكن الأصعب بناء الانسان المسلم الحضاري المدني الذي سيكون أرضية للدولة المدنية المؤسسية، وهذا يتطلب منا أن نوجد كتلة كبيرة من النخب تتمتع بفهم ووعي وبإيجابية من الأفكار والمشاعر والنماذج المختزنة فإنها لاشك ستؤدي إلى تحولات في المحيط الخارجي متناسبة مع الدولة المدنية، أما التحول الكامل فيحتاج إلى كتلة حرجة من هذه الأفكار والمشاعر الإيجابية لدى عامة الشعب اليمني..
وبما أن نقطة الهبوط الممنهجة الافسادية أستمرت 33 سنة إلى أن وصلت قعر بئر الفساد التي قادها صالح وبتعاون كتلة حرجة من المرتزقة والمنافقين والمصلحين ومن كل الأطراف والتي ساعدت صالح في التحول السلب التي قال الله عنها في الآية 53الأنفال (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأنفال : 53 )، واليوم نحن نطالب بكتلة حرجة وعلى رأسها اللقاء المشترك بأن يعملوا على الدفع بالتحول الإيجابي في النماذج المختزلة والمشاعر والأفكار عند أنفسهم وأعضائهم وعند بقية النخب القيادية وهذا سيتبعه حتما تغيير إيجابي في الواقع الخارجي, والعكس صحيح فإذا كان الناس في نعمة وخير واختل عالم الأفكار وعالم المشاعر والاخلاق عندهم كما حدث في عهد المخلوع صالح فسينعكس ذلك على العالم الخارجي ويحدث التغيير السلبي أو الإيجابي, إن نقطة الضوء عندنا في اليمن هي في مؤتمر الحوار الوطني الذي يجب على كل اليمنين ان يقفوا خلف إنجاحه