أشرنا في مقال سابق بعنوان (الأسس الدستورية للدولة المدنية) نشر في صحيفة "أخبار اليوم" عن أهمية مبدأ (التبادل السلمي للسلطة) باعتباره أهم المبادئ الأساسية لثورة فبراير اليمنية.. وذكرنا أن نص المادة (5) الذي يعد في تقديري من أهم النصوص الدستورية في الدستوري اليمني الحالي لاحتوائها على أهم ثلاث أسس دستوريه تتعلق ببناء النظام السياسي في اليمن الحديث بعد الوحدة منها مبدأ (التبادل السلمي للسلطة), إلا أن أبرز الانتقادات التي وجهناها لهذا النص أنه لم يتناول هذا المبدأ بالشكل الذي يناسب أهميته ودوره الأساسي في بناء الدولة اليمنية الحديثة الموحدة, حيث تم الإشارة إليه إشارة بسيطة باعتباره هدفاً, كما لم يتم تنفيذه على ارض الواقع اليمني بشكل دستوري سليم يتوافق مع طبيعة الصياغة الدستورية للدستور اليمني الحالي وطموحات الشعب اليمني الذي جاء هذا الدستور في أول صياغة له ملبياً لطموحات أبناء الشعب اليمني, إلا أن التعديلات الدستورية التي توالت على هذا الدستور منذ العام 1994 وإهمال تطبيق نصوصه الدستورية على الواقع اليمني بالشكل الذي جعله بعيداً عن الواقع اليمني لا يحاكي متطلبات وتطور احتياجات الشعب اليمني الذي يطوق دائماً إلى بناء دولته الحديثة ونظامه السياسي الديمقراطي الذي يناسب التنوع الاجتماعي والثقافي والعقائدي لتركيبته الاجتماعية, مما جعل من كل هذا سبباً رئيساً لاشتعال ثورة فبراير اليمنية.
والسؤال الهام الذي نطرحه اليوم ونحاول إلقاء الضوء على أبعاد إجابة علمية له هو: ما هي العوامل التي تشكل عوائق أمام تطبيق مبدأ التبادل السلمي للسلطة؟.. إن أهم هذه العوامل الآتي:
1-المذهبية الدينية
2-التركيبة الاجتماعية القبلية
3-الطبيعة الجغرافية وتنوع هذه الطبيعة وانعكاسها على طبيعة الإنسان وأسلوب تعامله مع الآخر وقدرته على الدفاع عن حقوقه وحرياته الأساسية التي أساسها المواطنة المتساوية.
4-عوامل اجتماعيه بيئية مثل الفقر والأميه.
فمثلاً نجد أن مؤشرات التعليم كانت كالآتي:
البيان تعداد 1994 تعداد 2004 مسح ميزانية الأسرة 2005 -2006
نسبة الأمية للذكور والإناث 55.8 45.3 40.7
نسبة الأمية للذكور 36.5 29.6 21.3
نسبة الأمية للإناث 76.2 61.6 60.0
إن هذه المؤشرات وفق إحصائيات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء في يوليو 2010 وهي مثال بسيط على نسب الأمية في الجمهورية ومؤشر خطير يدل على احد العوائق الأساسية لتحقيق تطبيق فعلي لمبدأ التبادل السلمي للسلطة على أرض الواقع.. وحتى وإن كانت هذه المؤشرات تدل على انخفاض نسبة الأمية إلا أن التحليل الدقيق قد يجعل هذه المؤشرات غير كافيه لتحقيق الوعي المطلوب لتطبيق فعلي لمبدأ التبادل السلمي للسلطة, ناهيك عن التغييرات التي قد تكون استجدت على هذه المؤشرات.
وبالتالي ولتحقيق بناء علمي سليم للدولة المدنية الحديثة في اليمن استناداً على رضاء شعبي واسع وللتخفيف من حدة العوامل سالفة الذكر التي تمثل عقبات خطيرة تحد من بناء الدولة المدنية في اليمن من الضروري السعي للتخفيف من حدتها وفق الوسائل الآتية:
1) بناء الدولة على أساس الفيدرالية وفق أسس علمية دستورية ووفق مبادئ حقوق الإنسان المحددة في مواثيق وإعلانات حقوق الإنسان.
2)صياغة الدستور اليمني وفق أسس دستورية علمية حديثة وتضمين الصياغة ضمانات تطبيقه على أرض الواقع والسعي لتنفيذه.
3)تحسين صياغة القانون اليمني بأسلوب يخفف من حدة التوتر القبلي والطائفي وقد قطع اليمنيون من سبعينات القرن الماضي شوطاً لا بأس به.
4)بناء استراتيجية تعليم يمنية تعبر عن هوية اليمنيين.