تلعب التبعية والتقليد الأممي دوراً كبيراً في هز وحدة الصف وسلامة الطاعة والاتباع وتقف موقف الآمر الناهي لدرجة الاستعلاء على مرتبة القانون والحكم العالم المنطلق من الأولوية التشريعية.
ومن المؤسف أن ثقافة الحيادية والوعي المجتمعي غير حاضرة بقوة في أوساط الشرائح المختلفة داخل المجتمع، الأمر الذي يجعل مسألة إلغاء أو تحجيم دور الرموز القبلية مشروعاً وهمياً، لاسيما وأن نظام الحكم المحلي يستند بدرجة كبيرة إلى سلطة القبيلة ويدعم بقاءها وحين نتحدث عن مبدأ الحيادية، فإننا لا نكون قد ابتعدنا كثيراً عن أنماط سلوك دينية دعا إليها الإسلام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالقرآن العظيم يشير إلى أهمية الحيادية في القول: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (152) الأنعام.
كما أنه يشير وبقوة وفي أكثر من موضع إلى أهمية الحيادية في العمل: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل..) (58) النساء.
وإذاً فالحيادية سلوك إسلامي فصلته السنة النبوية في أنماط متعددة: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه)، (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)..، إلى سواها من الأحاديث النبوية الداعية إلى تجنب السير في قوافل الماكرين والمخادعين ومن تبنوا الضلالة وسعوا في خراب الأرض وتدمير المدائن ونادوا بالخروج عن الصواب في ثوب حق لم يستر عورة الباطل.
ومن هنا كان من واجب الكبار والعقلاء وأصحاب القرار أن يتقوا الله فيما ملكت أيديهم وحكمتم سلطتهم، لأن تبعية الفعل والرأي تورث تبعية العقيدة وهذا سيؤدي إلى طبقية دينية وطائفية قد لا يستقيم أمر المجتمع بعدها إلا أن يشاء الله. غير أن الأخذ بالأسباب أقوم والاهتداء إلى الحيادية أدوم، فالعدة تسبق العمل وحضورها أوجب من حضور الفكرة وشيوع الرغبة في الأداء، وتمكين الحواس من أعمالها بمهارة أصحاب الخبرة وأرباب المعرفة، وقيل في الحكمة العربية القديمة (حذر أوجب من شجاعة وحرص أفضل من مجاعة)، فالله الله في أرواح الناس أيها السائرون خلف ركب الطائفية، فإن فيها الهلاك لهذا المجتمع حديث العهد بالسياسة الدينية، مجتمع البساطة والفطرة والجهل الذي صنعته الغفلة عن مقاصد الشريعة، والله الله في يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار يا من أصبحتم وقد انقلبت عقائدكم واختلفت رؤاكم وتبدد إيمانكم برسالة العبودية للواحد الأحد، هذا الجيل أمانة في أعناق الساسة وأصحاب القرار، فلينظروا ما هم فاعلون.
ألطاف الأهدل
لكم دينكم ولي دين 1526