من أجمل ما يمكن أن يقدمه الإنسان لنفسه من هدايا حفاظه على دينه واستقامته ثم اهتمامه بصحته لأن الصحة كنز لا نستطيع أن ندرك قيمته إلا حين نفقد بعضه, وفي رحلة الحياة الطويلة والمشحونة بما قل أو كثر من الهموم والمشاكل والأحداث قد تمر أعوام طويلة ونحن نخفي بعض أوجاعنا ونتغاضى عن إشارات المرض التي تبعثها أجهزة الجسر مرة بعد مرة وكأننا خارج هذا الجسم, إشارات تستبق ذلك السقوط المفاجئ الذي يمكن أن يحدث في لحظات لم نحسب لها حساباً من قبل لأن آخر ما يفكر به أحدنا, تلك الزيارات الدورية أو السنوية التي يطمئن بها على جسده وما قد يختبىء في أحشائه من أمراض تهاجم مساحات كبيرة من جسمه في لحظة لا ينفع فيها الحيطة ولا يجدي فيها الحذر.
لذا فإن زيارة عابرة في رأس كل ستة أشهر لن تكون مكلفة بقدر ما ستكون عليه بعد الشعور بالألم ووصول المرض إلى درجة متقدمة, ومن أهم ما يجب أن يدركه الإنسان أن المعدة هي بيت الداء فعلاً, والطعام الذي نلعق أصابعنا بعده تلذذنا بمذاقه الطيب الفريد سنعود يوماً ما لنعض على أصابعنا من الندم لإسرافٍ فيه اقترفناه في لحظة شعور بالصحة وانتشاء بالعافية, فالطعام أعظم وسيلة نقل للصحة أو المرض على حدٍ سواء, فما لا نعلمه أن القليل من الطعام يكفي ليقيم صلب الإنسان ويعينه على أداء العبادة والقيام على شؤون دنياه, وخير قدوةٍ لنا في هذا سيد البشرية الذي كان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع ويكتفي من الطعام أطيبه واخفه على المعدة وأكثره مناسبة لحال الإنسان ومزاجه هادياً الناس إلى طرق تناوله والأصناف التي تتناسب مع بعضها أو تلك التي يمكن لتناولها أن يتسبب في مشاكل عارضة له كالقيء واستطلاق البطن والحمى الداخلية مثلاً.
الصحة أثمن ما يملك الإنسان, لكنها أهون ما يمكن عليه, وكل إنسان يداهمه المرض وينسيه الألم طعم الراحة يتذكر ما كان يجب عليه فعله للإبقاء على صحته بعيداً عن هذا المقام, لكنها الحياة التي علمتنا الركض خارج أسوار المعقول وألهمتنا الخضوع لرقباتنا المترفة باللا مبالاة, الصحة روح العافية التي نحاول أن نحييها وهي تموت!.
ألطاف الأهدل
صحة وعافية.. 1584