إن الانقلاب العسكري في مصر على الديمقراطية أظهر أن هناك تحول نسبة من العلمانيين العرب إلى معسكر من التعصب الفكري والعقائدي يشبه كثيراً تعصب بعض التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي لا تقبل الرأي الآخر، بل وصل الأمر بهؤلاء العلمانيين إلى أن يطلقوا أوصاف “الإرهابيين” على فئات كثيرة من أنصار الإخوان المسلمين، وهذا ليس أمراً منطقياً، بل يشبه إطلاق وصف “الملاحدة” على كافة العلمانيين والغالب من العلمانيين مؤمنون بالأديان..
ووصلت بعض تصرفات العلمانيين إلى الإساءة المباشرة للثقافة الإسلامية، وكذلك التشهير والاعتداء على بعض الشخصيات الدينية-السياسية، والتي لا تتناسب أبداً مع جوهر التفكير والمواقف الصحيحة للعلمانية بالطريقة التي يطبقها العالم في حوالي 80% من الدول.
إن مشكلة بعض العلمانيين العرب أنهم يحاولون التمثل بتوجه العلمانية الأوروبية الصارمة في رفضها للأديان، بالرغم من أن العلمانية تعلي من شأن العقل، و أيضاً تهتم بحرية المعتقد واحترام الثقافات، وهؤلاء يؤيدون تحويل العلمانية إلى عقيدة متعصبة، وبهذا يشكلون أزمة حقيقية على أنفسهم و على العلمانيين مالم يتعلموا احترام الاختلاف وعدم التعامل بعنصرية وفوقية مع الأفكار الأخرى.
إن كل العلمانيين في الشرق الأقصى، وأميركا اللاتينية، وإفريقيا يحترمون ثقافاتهم وأديانهم وحضاراتهم المحلية ولا يسمحون للتعصب العلماني الغربي أن يسيء إليها، وهذا ما هو مفروض على العلمانيين العرب وخاصة في مصر.
إن العلمانية ليست ديناً أو معتقدا يتطلب التعصب والانغلاق، بل مبدأ سياسيا واجتماعيا وثقافيا يطالب بإدارة شؤون الدنيا عن طريق المجتمع، وهو المبدأ الذي جعل الغالبية العظمى من الدول التي تطبق العلمانية السياسية في المراكز المتقدمة، ونلاحظ أنه من مؤشرات النجاح الديمقراطي والتنموي والاقتصادي والإبداعي في العالم, الحرية والتدافع السياسي وتداول السلطة بالطرق الانتخابية عبر صناديق الاقتراع وهذا ما لم يتحمله متعصبو العلمانية في مصر واتجهوا لنصرة الانقلاب العسكري..
محمد سيف عبدالله العدينى
انقلاب مصر أظهر تعصب أدعياء بعض العلمانيين علي حقيقتهم 1557