لا نستطيع قراءة الواقع العربي بوضوح في ظل هذه الموجة الهابطة من الأحداث السياسية المتطورة بصورة مرعبة ومثيرة للخوف المجتمعي بشكل عام، فالمسألة لم تعد مسألة سيناريوهات متبادلة وأدوار مكررة ، بل إن ما خفي كان أعظم وما ظهر على السطح لم يكن إلا دخاناً تطلقه شقوق عميقة على جسد الأنظمة العربية تدل على نار تستعر في أجوافها بلا انطفاء، فلم تعد الإرادة إرادة شعوب، ولم تعد الكلمة كلمة وطن، بالإضافة إلى ذوبان العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتلاشيها بكل بساطة من واقع القرار المحلي.
في مصر لا يبدو المشهد معافى من اختلال تكتيكي جعل معادلة الإخوان تنقلب رأساً على عقب، في الوقت الذي أراد فيه هؤلاء الوقوف بصلابة على بلاط الحكم كحزب أو كشعب، ففي مصر لا يمكن التفريق بين حزب وشعب، ومثل هؤلاء من أصحاب الهمة السياسية والتكتيكية العالية لا يمكن أن يقف في طريقهم فرعون صغير مثل السي السي بكل نظرياته الديمقراطية البريئة من الإنسانية.
والمشهد يزداد خطورة حين يجد أرباب الحجج من أنصار هذا وذاك الطريق مفتوحاً أمام الدعوة إلى العودة من الصفر ومحاولة كسب الرهان، ففي الوقت الذي يتمسك فيه أنصار الرئيس المعزول ( مرسي ) بشرعيته في الحكم ، يجد أنصار الرئيس المخلوع ( مبارك ) أنفسهم أمام فرصة ذهبية لشرعية مفقودة بعد عملية تجميل مؤلمة استغرقت ثلاثة أعوام كاملة..
لكن السؤال : ما الذي تغير بعد هذه العاصفة أو الفتنة أو الأزمة أو الثورة؟.. اختاروا ما شئتم أعزائي القراء، ما الذي تغير في الأمر، هل لمسنا وجودا للعدالة الإنسانية، هل انتهت معاناة الناس من أرباب الحاجة وأصحاب البطالة، هل انتهى عهد المحسوبيات والرشوات، وهل ضربت الدول الثائرة بيد من حديد على يد المفسدين في أوطانها؟!.
هي ليست ثورة بشر أيها الناس ، إنها ثورة قدر لا يعلم نهايتها إلا الله وحده.. لذا نقول: لا (سي سي) مصر يوقفها بجبروته ولا ( دودو ) اليمن يفعل مثل ذلك أيضاً، إنها إرادة ربانية لتطهير هذا الجيل الإنساني بأكمله ، أو ربما تطهير الأرض بكل من عليها، فقد صمت عقلاؤنا عن الظلم وتغاضى حكامنا عن الفساد ، وأصبح كل من يدعو إلى الله على بينه إرهابيا ، وكل من يتقي الله في نفسه ومجتمعه وما ملكت يداه سلفياً، وكل من يقول الحق ولو على نفسه غالاً في الدين ، وما عرف كبراؤنا ولا حكامنا ولا أئمتنا أن الله باق وكل ما في الحياة فانٍ، غير أننا لا نستطيع أن نقول أمام ما نرى وما نسمع إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
ألطاف الأهدل
لا سي سي مصر ولا دودو اليمن 1552