بعض المجتمعات تجيد الاستفادة من كل مناسبة سياسية أو دينية أو اجتماعية, عابرة, فالفرح والإحساس بالسعادة يسكن قلوب هؤلاء البشر.. وعلى النقيض منهم نحن أبناء هذا الشعب المعروف بالروتينية والرتابة والكسل.
أحلام شبابنا لا تتعدى مضغة القات ولقمة الخبر الجافة وبعض متكئ على قارعة الطريق, أحلام غبية وأقل من أن يفسح لها المجال لتكون واقعاً مرئياً.. واقعنا الشبابي بركة راكدة وموبوءة ولا يمكن تطهير المجتمع منها إلا عبر ردم قنوات الضخ والتمكين التي تجعلها على قيد الحياة.
نحن من تلك المجتمعات التي لا تصلح بطائنها ولا يستقيم اعوجاجها إلا بعد أن تدور عليها عصا الضبط والاعتدال والإرغام, فعن أي حرية نتحدث ونحن نمارس الفوضى حتى في مشاعرنا؟, وعن أي عدالة نتكلم ونحن نظلم بعضنا بعضاً حتى قطعنا عن أنفسنا ماء السماء؟, وعن أي مدينة نبحث وليس لدينا أدنى فكرة عن سلطة القانون في بلاد الله الواسعة؟..
شعب الـ(صميل) هذا يجب أن تعاد تربيته بذات الصميل الإمامي الذي لون ليلهم ونهارهم بالقطران وجعلهم شجرة صامتة تسمع وتطيع.. نحن شعب متمرد على ذاته, جاحد لتاريخه, منكر لنعم الله عليه ومن يريد أن يعرف بداية القصة ونهايتها فليقرأ سورة سبأ في كتاب الله الكريم فقد سردت آياتها قصة الكبر اليماني!, وأعتقد أن العائل المتكبر أسوأ ما يكون عند الله..
فقراء متكبرون, مقالب القمامة تحوي طعاماً يمكن أن يطعم بشراَ تشكو أجسادهم الوهن وتسكن بطونهم الفاقة, نعبث بالمياه ونشكو الجفاف, نسرف في استهلاك طاقتنا الفكرية والجسدية فيما لا يفيد وندعي أننا نعيش بطالة إبداعية.
لسنا من تلك المجتمعات المرحة, صاحبة النكتة واللغز والنشاط الرياضي, شعوب العالم تستيقظ كل صباح لتعيش بينما نستيقظ كل صباح لنموت, لا فوانيس رمضان تضيء زفاف حاراتنا ولا طرابيش العيد تعلو رؤوس أطفالنا ولا مقاهي المدينة تعج بمن يعشقون القهوة كثقافة وإحساس ورفاهية ونكهة حياة.
ألطاف الأهدل
لا فوانيس ولا طرابيش 1344