هو أجمل هدية وأروع عطية منّ بها الرحمن على هذه الأمة، الأمة التي انسلخت من ثوبها وارتدت ثوب العنف والتطرف والطائفية.
إن أكثر ما يبعث على الأسى ما يحدث اليوم في بلاد المسلمين من شتات وتفرقة وفتن لا يعلم منبعها إلا الله، حتى فقدنا الثقة بولاة الأمر المتخاذلين عن نصرة هذا الدين, بل والوقوف ضد من يدعو إليه وإلصاق تهمة الإرهاب به، وها هو يعود غريباً كما بدأ غريباً, أو كما قال سيد البشرية صلى الله عليه وسلم, أصبح جزءاً من كل بعد أن انحصرت شموليته وقلل اللا مبالون من شأنه وهو وصفة السماء الدوائية التي تعالج كل أمراض الروح في كل زمانٍ ومكان..
إسلام ومسلمون مستسلمون، تابعون، خاضعون، عبثت بهم عواصف المصالح السياسية وخدعتهم شعارات التمكين الحزبي.. مسلمون أظهروا إسلامهم للعالم كدين مزاجي متقلب لا هوية له، أشهروا إعلانهم الديني المتمترس خلف أستار الإسلام وجعلوا دينهم واجهة يمكن أن ترمى بالحجارة، ادَعوا أن ما يعتنقونه هو الدين القيمَ فشتتوا رأي العالم الآخر حول معنى الإسلام، لقد أردوا أن يجعلوهٌ جسراً للعبور إلى العالم الآخر الذي تبتسم لهم فيه الحياة وتمنحهم الصدفة تاج الغلو، لكنهم لا زالوا يفشلون, بل ويكررون أسباب الفشل ذاتها دون أن تقف أمامهم حواجز المسؤولية.
ومن العيب أن نبحث ونحلل ونطرح من الدراسات الكثير عن السبب الذي جعل سوانا من الشعوب ينظر إلى إسلامنا كدين إرهاب وإجحاف وظلم، فالحقيقة أن الخلل يكمن فينا، فرداً فرداً، جماعةُ جماعة، وإصلاح النفس ثم تصحيح مسار العلاقات الداخلية في الوطن العربي الواحد سيكون كفيلاً بتعديل تلك الصورة المائلة عن الإسلام والتي علقتها يد المسلمين عنوة على فضاء العلاقات الاجتماعية والسياسية الدولية دون أن تحسب حساباً للحكمة الأولى من الخلق والمهمة الأولى في جدول أعمال المسلم.. فيكثر من الناس اليوم يجهل الوسيلة التي يمكن عبرها أن يصحح نظرة هؤلاء للإسلام والمسلمين، غير أن الحل بسيط جداً ولا يحتاج إلا إلى وجود العزيمة والإدارة القوية، العبادة الحقيقية بأركانها الأساسية من الإخلاص والإحسان والقصد هي الوسيلة لإصلاح النفس، وبالتالي صلاح المجتمع الذي يدعو بدوره إلى تغيير التركيبة الفكرية وتطورها وعزوفها عن استخدام الإسلام ستاراً يخفي وراءه عورة الإنسان الغافل المتساهل في نشر دينه وإبرازه كخاتم الأديان السماوية وأرقاها وأقدرها على التعامل مع كل إنساني في كل زمان وكل مكان.
الإسلام اليوم ليس بحاجة إلى كل هذا الغثاء الإنساني عديم الجدوى، بل هو بحاجة إلى تلك القلَة التي تعي الإسلام وتجيد تصويره للآخر بكل سماحته وعبقريته.
ألطاف الأهدل
الإسلام المزاجي 1379