تأتي العودة إلى المدرسة بعد فترة عطلة صيفية طويلة مليئة بكثير من النشاطات والرحلات والاستجمام وما تبعه من الأمسيات والسهر حتى الصباح في شهر رمضان الكريم وما رافق ذلك من نفقات وتبعات مالية ضخمة استعداداً وتنفيذاً لهذا الموسم الطويل من أعياد وعطلة ورمضان وغيرها، مما ساهم في زيادة النفقات المترتبة على كاهل أولياء الأمور من ماء وكهرباء وإنترنت وأطعمة وملابس وكتب وغيرها من المتطلبات المتنوعة، فالمدرسة مؤسسة وطنية اجتماعية تنموية تربوية تهدف إلى إعداد جيل من أبناء الوطن المتعلمين القادرين على التفكير والعمل والإنتاج، تؤهل الطلبة للانطلاق نحو المستقبل، وصقل حياتهم وتزويدهم بمهارات الحياة، وتؤكد على تمسكهم بالقيم الأخلاقية والجمالية التي تحقق التعاون والتكافل والتسامح والإيثار بين أفراد المجتمع، فالعلاقة التي تسود بين طلبة المدارس مع بعضهم البعض، وبين الطلبة ومعلميهم وإدارة المدرسة، والمدرسة والأسرة، علاقة تساعد على نجاح العملية التعليمية والتي لا تكتمل إلا بتوفر الأجواء المريحة البعيدة عن التوتر والقلق والاكتئاب والعنف والتذمر من المدرسة وهذا يتحقق من بناء علاقة وثيقة ومتينه بين المدرسة والأسرة والطالب قوامها الحرص على المصلحة العامة والتي يكون في مقدمتها تحقيق الفائدة من العملية التربوية للمجتمع، وتحقيق أحلام الأسر بنجاح أبنائهم وتحقيق طموحاتهم، فالعلاقة بين المدرسة والأسرة كمثل الجسد الواحد إذا حدث خلل في أحدهما يؤثر على الآخر ويعرقل العملية التعليمية.
وإني هنا ومع بداية العام الدراسي الجديد أتقدم بالتهنئـة إلى طلابنا الأعزاء في كافة مدارس وطننــا العزيز في مدنـه وأريافه، كــل عــام وطلاب وطننـا الحبيب بألف خير، سائلين الله أن يجعلـه عام نجـاح وتفوق، ونشد علـى أيدي معلمينا ومربينا الذين يبذلون جهداً لإخراج جيل علم.
عام بعد عام نمضي سوياً في دروب الحياة لنحقق الأحلام والآمال, فشباب بلا أحلام ربيع بلا زهور، وبداية عام دراسي جديد يتهلل وجهه إشراقة مضيئة، وابتسامة متفائلة، ويداً تصافح أيدٍ تعارفت في أخوة إسلامية، في جو أسري تحتضنه دُر العلم والمعرفة، تلتقي فيه بذور آباء وأمهات رعت غراسها في زمن البذر وهي تتمنى أن يتحقق في هذه الغراس الأحلام والطموحات على أيدي معلمين مخلصين يخافون الله ويبتغون رضاة.
نعم, أنتم أيها الطلاب الأعزاء غراس آبائكم، غراس ارتوت من عرقهم، وتأملوا فيكم أن تكونوا شجرة طيبة، يأكلون من ثمرها ويستظلون تحت أغصانها الوافرة من أشعة شمس أحداث الحياة المتقلبة، وتأملون في أبنائهم أن يكونوا صورة وقدوة لما تربوا عليه من أخلاق فاضلة وأدب رفيع، ليكون الابن مرآة لمنزله، وصورة مصغرة تعكس ما ربي عليه في أي مكان يكون فيه..
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم طلاب العلم في مدرستكم وبيتكم الثاني الذي ستمضون فيه ساعات طوال من يومكم، وأشهراً عديدة من سنتكم الدراسية، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الطلاب يقولها لكم مديركم الفاضل ومعلميكم الأخيار، وحمدا لله على سلامتكم، وعوداً حميدا نتمناه لكم، ونمد عبر هذه الكلمات أيدينا مصافحة ومحيية كل طالب فيكم بحفاوة وترحاب.
ونتمنى مع العودة إلى المدرسة تهذيب السلوك لدى الطلبة وكيفية احترام الآخرين والبعد عن أي نوع من أشكال العنف المدرسي سواء أكان ما بين الطلبة أنفسهم أو بين المعلمين والطلبة وضرورة احترام الرأي والرأي الآخر، حيث تشكل المدرسة نواة إيجابية في بناء جيلٍ من شباب المستقبل قادر على تحمل المسؤوليات ومساعدة أسرهم وأولياء أمورهم في تحقيق أهدافهم، ولذا نتطلع إلى سنة دراسية قادمة مليئة بالهمة والنشاط والعطاء والتفاؤل, خالية من الأزمات المدرسية.
رائد محمد سيف
العودة إلى المدارس 1562