الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
لقد شارك الرشاد في مؤتمر الحوار الوطني إيماناً منه بأهمية الحوار وضرورة التوصل في مخرجاته إلى ما يحقق رضا الله أولاً ثم رضا الشعب اليمني الذي بات يتطلع إلى هذه المخرجات بفارغ الصبر علها تكون محققةً لآماله وطموحاته إلا أن ما حصل في فريق الحقوق والحريات من بعض التجاوزات يجعلنا نبين الدوافع التي كانت سبباً في انسحاب حزب الرشاد اليمني من التوقيع على هذه المخرجات حتى لا يكون هناك تفسيرات خاطئة, كما حاولت بعض الجهات تصوير ذلك على أنه بسبب زواج القاصرات فحسب للتشغيب على حيثيات الانسحاب الحقيقية والتي يمكن تلخيصها في أمرين أساسيين :
أولاً: الجانب الإجرائي:
وهو ما وقعت فيه رئاسة الفريق من تجاوزات مهنية تتمثل في:
أ: مجموعة من المواد التي لم تعرض على الفريق وتم إحالتها إلى لجنة التوفيق مباشرة من قبل اللجنة المصغرة.
ب: بعض المواد تم وضعها في المتوافق عليه رغم أنها مواد قدمت عليها ملاحظات كالولاية العامة للمرأة.
ج:وضعت مواد مقترحة من قبل بعض الأعضاء كتجريم سب الصحابة تم رفضها بحجة الأولوية للنص الأصلي رغم أنها نصوص أصلية.
د: فيما يتعلق بالزواج المبكر ناقشت لجنة التوفيق ما رفع إليها من الفريق حول هذه النقطة وقدم مقترح من الدكتور عبدالكريم الإرياني حاصله تحديد سن الزواج بثمانية عشر عاماً للأنثى دون الذكر ويجوز تزويجها في سن السادسة عشر متى ما كانت مهيأة لذلك صحياً وهو ما صوت عليه اثنا عشر عضواً في لجنة التوفيق مقابل أربعة أصوات فقط لصالح تحديد ثمانية عشر عاماً للجنسين ومع ذلك فقد تم تجاهل هذا التصويت تماماً ولم تقم رئيسة الفريق بإبلاغ فريقها بهذه النتيجة ما يعني أن الانتقائية حاضرة دون المهنية والموضوعية.
ولا شك أن مثل هذه الإجراءات التي تم تجاوزها من رئاسة الفريق من شأنها أن تخل بقاعدة التوافق وأن تعرض المخرجات للتساؤل حول شرعيتها .
ثانياً : الجانب الموضوعي :
وفيما يتعلق بالجانب الموضوعي من الضرورة بمكان أن نؤكد على أن مفهوم الحقوق والحريات لا يجوز بحال أن يكون خالياً من القيود الشرعية التي تحول دون وجود تفسيرات خاطئة أو تطبيقات مخلة باعتبار مسألة الحقوق والحريات تتجاذبها مفاهيم متعددة!
إلا أن ما يهمنا هنا هو المفهوم الذي يتناسق مع العبودية لله سبحانه وتعالى وبما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الأحكام والتشريعات دون التجاوز لشيء من ذلك أو الانسياق مع المفاهيم التي لا تتناسب أو تتعارض مع شريعتنا الإسلامية سواء كانت هذه المفاهيم تتجه شرقاً أو غرباً.
أ: فالفقرة رقم (215)التي تقرر(حرية الرأي والمعتقد مكفولة ومصانة وبما لا يتعارض مع الدستور)
عبارة موهمة من شأنها أن تفهم وتطبق على نحو يخل بعقود الالتزام بالإسلام وتفتح الباب على مصراعيه لجهات قد تستغل الفقر والحاجة لإقامة الأنشطة التي تجعل من ضعاف العلم والإيمان مصيدة لإخراجهم من ثوابتهم وقيمهم الإسلامية إلى نحل أخرى وهو ما تأباه محكمات النصوص والمواثيق التي تضمنها القرآن والسنة ولا يعد قيد أن لا يتعارض مع الدستور كافياً لأن الدساتير تتضمن العقود بين الحاكم والمحكوم غالباً وليست مواداً فكرية أو ثقافية أو عقدية وإن وجد فنادر
ولا شك أن شريعة الإسلام لا تُكره أحداً على اعتناقها, لكن هذا شيء وتنصل المسلم من العهود والمواثيق التي أمره الله بها بموجب عقد الإسلام شيء آخر.
ومن جهة أخرى فإن فتح باب التطاول على الثوابت الدينية بحجة الحقوق والحريات له تبعات مخلة بأمن واستقرار المجتمع ولذلك لابد( أن تقيد مثل هذه الإطلاقات بقيد في ما لا يعارض الشريعة الإسلامية دفعاً لأي مفاهيم خاطئة.
ب: وفي ما يتعلق بحقوق المرأة فإننا نؤكد على ضرورة إعطائها كامل حقوقها المشروعة التي منحها الله إياها في كتابه وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم باعتبار الأصل أن النساء شقائق الرجال غير أن هذا المعنى لا يعني عدم وجود أحكام خاصة واستثنائية تتعلق بالمرأة أو الرجل كذلك فالقرار رقم (90) المتعلقة بترشيح المرأة لرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو غير ذلك من الولايات العامة أو الكوتا المقدرة بـ 30% في عموم السلطات أو حرمان الشباب من النكاح ما دون سن الثامنة عشر كما في الفقرة رقم(218) رغم بلوغهم وأهليتهم كما دلت على ذلك النصوص كل ذلك مجرد تحكم واسترضاء لأجندة معينة تتعارض في ثقافتها مع خصوصياتنا التشريعية المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وتتنافى مع عادتنا وأعرافنا الحميدة التي يجب أن تستصحب حال وضع التشريعات حتى يكون لها القبول في المجتمع وحتى نخرج من طائلة التعدي على حق المشرع الحكيم فهو سبحانه وتعالى أعلم بما يصلح عباده وما ينفعهم وليس كذلك العقول البشرية التي ستظل- مهما بلغت من المعرفة- قاصرة عن إدراك وجه المصلحة والإحاطة بجميع ملابساتها.
ج:وفي ما يتعلق بقرار (189) للشعب اليمني الحق في تقرير مصيره.....الخ
مثل هذا القرار لا حاجة له لما يمكن أن يكون له من مفهوم خاطئ باعتبار أن مثل هذا المعنى قد يستغل في ظروف معينة لصالح جهات ربما تفسره على وجه يخل بالوحدة اليمنية ويجسد مفاهيم التشققات التي نحن أحوج ما نكون اليوم إلى سد منافذها وعدم إعطاء الذرائع لفتحها.
وختاماً:
فإن ذلك لا يعني غمط الفريق من جهوده التي قدمها في مواد كثيرة, غير أن ذلك الذي أوضحناه دافعه النصح والعمل جميعاً على نجاح الحوار الوطني وفق إيجاد رؤية شرعية وعقلية تلبي طموحات أبناء الشعب اليمني.
وفقنا الله جميعاً لمرضاته..
د. محمد بن موسى العامري
على هامش مخرجات فريق الحقوق والحريات 1629