تُنتقد المرأة في كل الأحوال فهي الكائن المجهري الذي لا ينبغي أن يظهر إلا تحت عدسة الرجل, تُنتقد إن طالبت بإنسانيتها وتُنتقد لو حصلت عليها, فهي بين هذا وذلك كمن يحوم حول الحمى يوشك أن يقع فيه! في اليمن الحبيب تبقى كلمة حقوق كلمة مزعجة جداً ويمكن أن تتضمن حقوقاً عُرفية وقبلية طالما وأن المجتمع يراها كذلك, فما بالك حين تصبح الجملة حقوق المرأة؟! عندها قد تنكأ هذه اللفظة الجارحة مشاعر المتسربلين بأثواب الدين من الثلة المتمصلحة, وعندها أيضاَ قد تشرئبُ أعناق المنادين بفتح أبواب الحضور النسوي على الساحة الإنسانية إن كنا لا نعلم عن نوايا هؤلاء شيئاً سوى أن مناهضتهم تلك قد تكون كوتا جديدة من لونٍ سياسي مغاير. المرأة في اليمن الحبيب كرت أحمر, يمكن أن يرتفع في أي مباراة سياسية,وفي أي حمل تفتيش للبحث عن الأسلحة أو المهربات, لكنها تصبح كرتاً أسود حين يصبح لها صوت ويكون لها إرادة. موقف الرجل من المرأة ليس على هذه الشاكلة هنا فقط في هذا الوطن المترع بالمتناقضات, فالحال نفسه في أوطان كثيرة يعلم أهلها أن آخر وصية من وصايا المصطفى الأمين هي (رفقاً بالقوارير) لكننا نتغافل عن أمور دينية وعقائدية كثيرة فكيف إذا أصبح الأمر متعلقاً بالمرأة التي يتعامل معها البعض الكثير وكأنها شر لا بد منه؟! .. وكأن الرجل خير تصبه مُزن السماء, ومع هكذا فكلاهما مجبولان على خيرٍ وشر. خلال الفترة الماضية وفي عشر سنوات نوعية من عمر التاريخ النسوي استطاعت المرأة أن تتبوأ مناصب استحقاق إنساني والتزام وطني مثبتة جدارتها في إتقان الدور السياسي الذي كان يلعب بطولته المطلقة الرجل فقط. على مستوى الواقع ليس هناك ما يلفت النظر بقوة إلى قرارات استثنائية وفاعلة استطاعت المرأة تطبيقها على أرض الواقع المجتمعي لإحداث نقلة نوعية في حجم ومستوى القرار النسائي, ويبدو أن الأمر لا يتعلق بكونها مخلوقة بقدرات تختلف قليلاً عن قدرات الرجل العقلية والعاطفية إنما يعود الأمر لمعوقات أخرى كثيرة من أهمها, أن ذلك الداعم لوصول المرأة إلى مستويات سياسية وقيادية معينة يعمل على تحجيم قدراتها العملية حتى يستفيد من وجودها في ذات الرقعة الشطرنجية قبل أن يسبقها إلى مساحة أكبر قد تمنحه القدرة على صياغة قراراتها وفق استراتيجية ذكورية أكثر جموحاً وأقل مسؤولية. تُنتقد المرأة حين تتباطأ عن المطالبة بحقوقها, وتنتقد أكثر حين تصبح قادرة على إعطاء الحق لمن يستحق, بينما لا تتوجه الأنظار صوب رجال يأخذون الحق ويلقون الباطل في طريق الإنسان والوطن, وما أكثرهم اليوم!
ألطاف الأهدل
لماذا تُنتقد المرأة..! 1840